بها عن المعنى اللغوي ، خصوصا مع ظهورها في إمضاء السيرة العقلائية المشار إليها.
نعم يشكل الاستدلال على المدعى بالآيتين لوجهين :
أحدهما : أنه لا ظهور لهما في كون السؤال لأجل العمل ، ليدل بإطلاقه على ترتب العمل على الجواب وإن لم يوجب العلم الراجع لحجيته ، بل يمكن أن يكون لأجل تحصيل العلم في مورد الحاجة له ، وهو لا ينافي كون القضية ارتكازية ، إذ الارتكاز كما يقتضي العمل بخبر الثقة وإن لم يحصل منه العلم ، كذلك يقتضي السعي لتحصيل العلم في مورد الحاجة له بالسؤال من الغير والاستعانة به وعدم الاقتصار على ما يدركه الإنسان بنفسه مستغنيا عن غيره.
ثانيهما : أنه يلزم رفع اليد عن ظهور (أَهْلَ الذِّكْرِ) البدوي في مطلق العلماء ـ لو تم ـ بالنصوص الكثيرة الظاهرة ، بل الصريحة في اختصاص أهل الذكر بالأئمة عليهمالسلام وعدم شمولها لغيرهم بالنحو الذي ينفع فيما نحن فيه. كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام : «قال : إن من عندنا يزعمون أن قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أنهم اليهود والنصارى. قال : إذن يدعوكم إلى دينهم. قال : ثم قال بيده إلى صدره : نحن أهل الذكر ونحن المسئولون» (١) ، وغيره (٢).
وأما ما ذكره بعض مشايخنا قدسسره من أن ذلك من باب تطبيق الكلي على مصداقه ، فلا تنافي عمومه لغيره ، وقد ورد عنهم عليهمالسلام أنه لو ماتت الآية بموت من نزلت فيه لمات القرآن ، وأن القرآن يجري مجرى الشمس والقمر.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٧ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣.
(٢) تراجع النصوص المذكورة في الكافي ج : ١ ص : ٢١٠ باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة عليهمالسلام. وفي الوسائل ج : ١٨ باب : ٧ من أبواب صفات القاضي ، وفي كتاب حجة الخصام ص : ٢٤٠.