الرابع : سبق زمان الامتثال. فقد التزم بعض الأعاظم قدسسره بترجيح السابق زمانا ، إلا أن يكون المتأخر أهم منه. بدعوى : أن سقوط كل من التكليفين المتزاحمين لا يكون إلا بامتثال الآخر الموجب للعجز عنه ، فلا مسقط للتكليف المتقدم ، لعدم امتثال المتأخر بعد ، فهو مقدور عليه ، أما المتأخر فيسقط بامتثال المتقدم ، للعجز عنه به. أما لو كان المتأخر أهم فوجوب حفظ القدرة عليه يسقط التكليف المتقدم.
لكنه كما ترى ، لوضوح أن المسقط لأحد التكليفين المتزاحمين ، ليس فعلية العجز عنه بامتثال الآخر ، بل مجرد تعذر الجمع بين التكليفين في مقام الامتثال ، ولذا يتخير بين التكليفين المتقارنين المتساوي الأهمية ، مع القدرة على كل منهما بخصوصه. وهو حاصل في المقام ، لأن التكليف المتأخر حيث يجب حفظ القدرة عليه ، ولا يجوز تعجيز النفس عنه قبل مجىء وقته ـ ولذا اعترف به قدسسره بترجيحه مع أهميته ـ فهو صالح لمزاحمة التكليف المتقدم مع عدم الترجيح بينهما ، كما لو كانا متقارنين.
والذي ينبغي أن يقال : لا ينبغي التأمل في ترجيح المتقدم فيما لو احتمل احتمالا معتدا به تجدد القدرة على المتأخر مع حفظ المتقدم ، أو تجدد العجز عن المتأخر أو ارتفاع موضوعه مع تفويت المتقدم. لاحتمال تحصيل كلا الغرضين في الأول ، والحذر من فوتهما معا في الثاني. ومرجع الأمرين في الحقيقة للشك في مزاحمة المتأخر للمتقدم ، الملزم بالاحتياط بتحصيل المتقدم ، للشك في حصول العذر المسقط. إلا أن يكون اللاحق من الأهمية بمكان بحيث يقتضي الاحتياط له بتفويت الأسبق زمانا بمجرد احتمال مزاحمته له.
وأما مع عدم الاحتمال المذكور ، أو ضعفه بنحو لا يعتد به ، فمقتضى القاعدة عدم ترجيح الأسبق زمانا ، كما هو المعلوم في أغراض الإنسان