الوجه الثاني : مما أورد على الاستدلال بالمفهوم في الآية الشريفة أن المفهوم غير معمول به في الموضوعات الخارجية التي منها مورد الآية ، إذ لا إشكال في عدم الاكتفاء فيها بخبر العدل الواحد ، بل لا بد فيه من التعدد. ومعه لا بد من طرح المفهوم ، لئلا يلزم إخراج المورد.
وقد أجاب عنه شيخنا الأعظم قدسسره وغيره بأن المورد داخل في المنطوق وهو عدم حجية خبر الفاسق ، لا في المفهوم وهو حجية خبر العادل. وغاية ما يلزم هو تقييد المفهوم في الموضوعات الخارجية بالتعدد ، ولا يلزم منه خروج المورد. وإليه يرجع ما قيل من أن ارتكاب التقييد في المفهوم مقدم على إلغائه رأسا.
والذي ينبغي أن يقال : إرجاع الشرطية للمنطوق والمفهوم ليس لانحلالها إليهما حقيقة ، بنحو يكون هناك قضيتان يمكن طروء التقييد عليهما معا وعلى إحداهما دون الأخرى ، بل لدلالتها على معنى يستلزمها ، وهو إناطة الجزاء بالشرط المستلزمة لوجوده عند وجوده وانتفائه عند انتفائه. وحينئذ لو كانت الشرطية في المقام ذات مفهوم كان مفادها إناطة عدم حجية الخبر بالفسق المستلزمة لحجيته مع عدمه مطلقا ، وحيث لا مجال لذلك في الموضوعات الخارجية ، لعدم الإشكال في اعتبار التعدد فيها فلا بد إما من تخصيص موضوع الشرطية ـ وهو النبأ ـ بغير الموضوعات ، أو إلغاء ظهور الشرطية في الإناطة وحملها على مجرد بيان ترتب الجزاء على الشرط ، وحيث يمتنع الأول ، لاستلزامه خروج المورد عن الشرطية فالمتعين الثاني الراجع لعدم كون الشرطية ذات مفهوم ، وتوجه الإشكال.
وأما احتمال إبقاء الشرطية على عمومها والمحافظة على ظهورها في الإناطة المستلزمة للمفهوم مع تقييدها في خصوص الموضوعات الخارجية بالتعدد. فلا مجال له ، إذ التقييد المذكور لا يناسب الإناطة التامة ، ولا مجال