الوجه الثاني : أن استصحاب الحكم في زمان الشك معارض باستصحاب عدمه الأزلي في الزمان المذكور ، لأن العدم الأزلي وإن علم بانتقاضه بجعل الحكم في الجملة مرددا بين الانقطاع والاستمرار ، إلا أن المتيقن هو انتقاضه في الحصة الأولى من الزمان ، وهي زمان اليقين ، دون الحصة الثانية ، وهي زمان الشك. بل مقتضى الاستصحاب بقاء العدم الأزلي المذكور في زمان الشك ، وبه يعارض استصحاب الحكم الثابت في زمان اليقين إلى زمان الشك.
ويندفع بأنه مع تقييد الموضوع بالزمان أو الحال المتيقن لا يجري استصحاب ثبوت الحكم ، كما سبق ، بل يجري الاستصحاب العدمي لا غير ، ومع عدم تقييده بأن يكون الموضوع واحدا متحققا في الحالين يجري استصحاب ثبوت الحكم ، ولا يجري الاستصحاب العدمي ، لانتقاض العدم الأزلي لحكم الموضوع المذكور بثبوته في الزمن السابق ، والشك إنما هو في استمراره في الزمان اللاحق ، الذي هو مقتضى الاستصحاب الوجودي ، لا في وجود آخر ، ليجري استصحاب عدمه أولا.
إن قلت : جعل الحكم في زمان الشك أمر مشكوك مسبوق بالعدم ، ومقتضى الاستصحاب عدمه. فيقال : لم يكن الحكم مجعولا في هذه الحصة من الزمان ، فيستصحب العدم المذكور.
قلت : الأثر العملي إنما يترتب على الأحكام الشرعية ، كالوجوب والحرمة والطهارة والنجاسة ، لا على جعلها بما هو فعل حقيقي للجاعل. فلا يجري استصحاب عدم الجعل ، لعدم الأثر لمتعلقه ، إلا بناء على الأصل المثبت.
على أن من المعلوم أن الحكم المستمر لا يستند وجوده في كل آن إلى