نعم بملاحظة ما سبق هناك يظهر الضابط في جريان الاستصحاب هنا.
وحاصله : أن المعروض للحكم ـ الذي هو موضوع القضية الحملية الحاكية عنه ـ إن كان جزئيا خارجيا ـ كالثوب والماء الخارجيين المعروضين للنجاسة والملكية ـ امتنع تقييده بالزمان أو الحال أو غيرهما ، بل لا بد من كون ذلك كله ظرفا أو مقارنا له ولحكمه. وحينئذ يجري الاستصحاب في الحكم.
وإن كان المعروض كليا ـ كفعل المكلف الموضوع للأحكام التكليفية ، والكليات الذمية كالدين والعمل المستأجر عليه التي هي موضوع للملكية ـ كان قابلا للتقييد. وحينئذ إن أحرز أو احتمل تقييده بالخصوصية الزمانية أو نحوها امتنع استصحاب الحكم ، لعدم اتحاد موضوع القضية المشكوكة مع موضوع القضية المتيقنة ، أو عدم إحراز الاتحاد. وإن أحرز إطلاقه تعين كون الخصوصية المحتملة دخيلة في الحكم وعلة له ، من دون أن تكون مقومة له ، كما في موارد الشك في الرافع ، ويتعين حينئذ جريان استصحاب الحكم.
إن قلت : احتمال دخل الخصوصية في الحكم مستلزم لاحتمال تقييده بها ، فيمتنع استصحابه بعد ارتفاعها ، لأن الحكم المقيد لا يقبل الاستصحاب ، والمطلق غير متيقن الحصول من أول الأمر.
قلت : لا يكون الإطلاق والتقييد إلا في الكبريات الشرعية المتضمنة للأحكام الكبروية الإنشائية ، التي سبق أنها ليست موردا للكلام هنا ، وأن الكلام هنا في الحكم الفعلي ، وهو حكم جزئي شخصي لا يقبل الإطلاق ولا التقييد ، بل كل خصوصية تؤخذ في الكبرى الشرعية تكون علة له ، لا يضر تخلفها بوحدته المقومة للاستمرار الذي يحرز بالاستصحاب.