المقام الثاني : في حكم التزاحم من حيثية الترجيح وعدمه
تقدم أنه لا بد في التزاحم من تمامية موضوع التكاليف المتزاحمة ، وفعلية غرضها وملاكها مع العجز عن الجمع بينهما في مقام الامتثال ، وحيث لا بد من حفظ الغرض والملاك من قبل المولى بجعل التكليف ، فلا بد من عدم رفع اليد عن جميع التكاليف المتزاحمة ، لما فيه من تفويت ما يمكن تحصيله من الغرض والملاك.
كما أنه حيث يمتنع التكليف مع العجز ، فلا بد من قصور عموم التكاليف المتزاحمة عن حال التزاحم بنحو يقتضي حفظ القدرة لامتثال كل منها ، بل لا بد من رفع اليد عن بعضها أو عن كل منها معلقا على امتثال الباقي ، على ما أشرنا إليه آنفا.
نعم مع غفلة المولى عن التزاحم ـ الذي هو ممكن في الموالي العرفيين ـ فالتكليف وإن لم يقصر من قبل المولى ، إلا أنه يسقط عقلا عن مقام الإطاعة ، فلا يجب إطاعته في ظرف امتثال الباقي.
إذا عرفت هذا فلا ريب في التخيير في الامتثال بين التكاليف مع عدم المرجح لأحدها ، لامتناع الترجيح من غير مرجح في فرض تساوي الغرضين ، بملاك امتناع تحقق التكليف ـ الذي هو فعل اختياري للمولى ـ من دون غرض.
كما لا ريب في أنه مع وجود المرجح لأحدهما يلزم حفظ الراجح واستيفاء ملاكه ، لإطلاق فعليته. ومن هنا كان المناسب النظر في المرجحات الملزمة باختيار أحدها بعينه ، وفعليته على نحو الإطلاق.
والمذكور في كلماتهم أمور ..