للواقع ، بنحو يشمل اليقين السابق بعد اقتضاء أدلة الاستصحاب نهوضه بالإحراز وهو راجع في الحقيقة لورود الاستصحاب على الأصول غير الإحرازية ، نظير ما تقدم في وجه تقديم الطرق والأمارات على الأصول.
كما يظهر مما سبق هناك أن الاستصحاب إنما يمنع من جريان الأصول غير الإحرازية إذا كانت مخالفة له عملا ، دون ما إذا كانت موافقة له. فلاحظ.
وبعبارة أخرى : مقتضى الجمع العرفي بين أدلة الطرق والأمارات والاستصحاب وبقية الأصول ـ بضميمة المناسبات الارتكازية ـ ابتناء أصل الطهارة والحل وغيرهما من الأصول غير الإحرازية على مقتضى الأصل الأولي ، لعدم صلوح الشك للخروج عنه ، وأن البناء على مقتضى الاستصحاب في مورد الأصول المذكورة إنما هو لصلوح اليقين السابق للعمل على مقتضاه حال الشك ، بعد عدم صلوح الشك لنقضه ، وأن العمل على مقتضى الطرق والأمارات في مورد الاستصحاب لصلوحها لنقض اليقين السابق ، وإن لم يصلح الشك لنقضه.
ومما ذكرنا يظهر الحال في بقية الأصول الإحرازية الجارية في الشبهات الموضوعية التي يبتني التعبد فيها على أمر زائد على الشك محرز للأمر المتعبد به ، كمضي المحل في قاعدة الفراغ والتجاوز ، والفراش في قاعدة : الولد للفراش وغيرهما. حيث يتعين تقديمها على الأصول المذكورة بالملاك المتقدم. بل هي مقدمة حتى على الاستصحاب ، كما تقدم الكلام في بعضها في خاتمة الاستصحاب.
المقام الثالث : في تقديم الأصل السببي على المسببي
والمراد بالأصل السببي هو الأصل الذي يتضمن التعبد بموضوع الأثر ، فيستتبع التعبد بالأثر ، لما سبق عند الكلام في الأصل المثبت من أن التعبد