فيندفع ـ مضافا إلى اختصاصه بما إذا كان التعذر بعد فعلية التكليف بالتام ، لتحقق الشروط المعتبرة فيه من الوقت أو غيره ـ بأن اختلاف الحدود إنما لا يوجب تعدد المحدود إذا رجع إلى اختلاف مرتبة الوجود الواحد بالشدة والضعف ، كالسواد الخفيف الموجود في ضمن السواد الشديد ، لا في مثل اختلاف الوجوبين باختلاف حدود متعلقيهما ، لاحتياج كل منهما لجعل مستقبل يباين جعل الآخر ، لتقوم التكليف بمتعلقه بما له من الحدود الملحوظة للجاعل ، فمع اختلاف الحدّين لا بد من اختلاف الجعل والتكليف المجعول.
نعم قد يتمسك باستصحاب الوجوب الاستقلالي فيما إذا كان الناقص متحدا مع التام عرفا ، لعدم أهمية الأمر المتعذر ، بحيث يعدّ وجوده من حالات المركب بنظر العرف ، لا مقوّما له ، ليكون تعذره مستلزما لتعدد الموضوع. لكنه يبتني على الاكتفاء بالتسامح العرفي في موضوع الاستصحاب ، نظير ما جرى عليه غير واحد في استصحاب كرية الماء. وهو ممنوع ، على ما يأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
الثاني : أصالة البراءة من جزئية المتعذر حال تعذره ، بدعوى : أن المقام من صغريات مسألة الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
ويندفع بأن الجزئية والشرطية حيث لم يكونا من الأحكام المجعولة ، بل هما منتزعان من وجوب المركب الذي أخذ فيه المشكوك ، وهو مما يقطع بارتفاعه بسبب التعذر ، فلا معنى لجريان البراءة منه ، بل ليس في المقام إلا الشك في وجوب الباقي ، ودليل البراءة لا يثبته ، بل ينفيه عملا ، ويقتضي السعة منه.
بل لو فرض جريان البراءة من الجزئية والشرطية في نفسهما فلا مجال له في مثل المقام ، حيث لا أثر لها إلا الإلزام بالناقص ، لمنافاته للامتنان الذي هو