بالأكثر ، لأن الملاك في المقام إنما يترتب على مجموع أجزاء المركب الارتباطي ، فلا يعلم بحصول شيء منه إلا بتمامية المركب.
فلعل الأولى الجواب عن الوجه المذكور بأن تنجز الغرض إنما هو بمقدار وصوله ، فكما كان بيان خصوصيات المكلف به وظيفة المولى ، وبدونه يكون المكلف في سعة منها ، ولا يعتنى باحتمال دخل شيء فيه وإن كان أمرا ارتباطيا ، كذلك بيان ما هو الدخيل في الغرض من وظيفة المولى ، وليس على المكلف الاهتمام بتحصيل ما يحتمل دخله فيه ، فلو فات الغرض بسبب قصور بيان المولى فالمكلف آمن منه ، كما يأمن مع فوت التكليف لذلك.
هذا ولا يخفى أن منشأ الوجوه الثلاثة المتقدمة للاحتياط هو ملاحظة الارتباطية المفروضة في المقام ، والمستلزمة لوحدة التكليف والغرض ، وإنا وإن أطلنا الكلام فيها وفي دفعها ـ تبعا لمشايخنا العظام «قدس الله تعالى أسرارهم» ـ إلا أننا في غنى عن ذلك. لأن ما سبق آنفا في توجيه جريان البراءة من عدم الفرق في جريانها بين التكليف الضمني والاستقلالي إن تم ارتكازا فهو مستلزم لوهنها ، لأن فرض كون التكليف المشكوك ضمنيا مستلزم لفرض العلم الإجمالي ـ بالصورة المتقدمة في الوجه الأول ـ ولفرض الشك في امتثال التكليف المتيقن ـ بالنحو المتقدم في الوجه الثاني ـ وفي حصول الغرض الذي عليه يبتني الوجه الثالث ، ومرجع التسليم بالبراءة إلى عدم تمامية الوجوه المذكورة ، بنحو يكشف عن خلل في تصويرها إجمالا ، لوضوح أن كبرياتها لما كانت ارتكازية امتنع عمومها للمقام مع التسليم بجريان البراءة ارتكازا.
ولو فرض المنع أو التشكيك في جريان البراءة لم ينفع دفع هذه الوجوه في عدم وجوب الاحتياط والأمان من العقاب بدونه.