من اختصاص الإجماع بالعبادات.
بل لا يبعد قصور السيرة عن إثبات عدم وجوب الإعادة لو انكشف الخطأ بعد العمل قبل خروج الوقت. لعدم كونها بنظر المتشرعة من سنخ التدارك.
ولا أقل من خروجه عن المتيقن من السيرة أيضا ، لعدم وضوح ابتلائهم بانكشاف الخطأ في الوقت بعد العمل ، وعدم وضوح كيفية عملهم لو فرض ابتلاؤهم به بعد عدم أهميته ، وعدم لزوم الحرج من الإعادة ، ليحاول التخلص منه بالسؤال عن الإجزاء ، فلا يكشف عدم السؤال عن المفروغية عنه.
كما أن المتيقن من السيرة أيضا ما إذا كان خفاء الحكم لعدم وصول الدليل للمكلف ، كما لو عدل المجتهد عن فتواه لعثوره على نص لم يكن مقصرا في عدم الوصول إليه ، أو عدل المقلد في تقليده لأحد أسباب العدول ، أو عدل مقلده في فتواه ، أو ظهر له خطأ فتوى مقلده لبلوغه مرتبة الاجتهاد.
بخلاف ما إذا كان لخطأ المكلف في فهم الدليل الواصل ، أو لنسيانه أو نحو ذلك ، مما يعود للمكلف نفسه وإن كان معذورا ، كما يكثر في حق المجتهد في زماننا ، وكما إذا نسي العامي فتوى مقلده ، أو لم يحسن فهم كلامه.
كل ذلك لعدم شيوع الابتلاء بذلك في تلك العصور ، وعدم وضوح بنائهم على الإجزاء معه ، لاحتمال ابتناء الإجزاء على الرفق بأهل الحق ، وعدم إلزامهم بتدارك ما ضاع عليهم بسبب الظالمين ، دون ما يستند ضياعه للمكلف نفسه وإن كان معذورا.
ومنه يظهر أن الإجزاء في المقام واقعي ، لا ظاهري ، فلا مجال معه لفرض العلم الإجمالي الذي سبق تقريب لزومه من مقتضى القاعدة في بعض الفروض.