نعم الظاهر قضاء المرتكزات العقلائية بأن المعيار في استحقاق العقاب هو التمرد على المولى وهتك حرمته ومجاهرته بذلك في مقام العمل ، وهو حاصل مع المعصية الحقيقية والتجري بنحو واحد ، ولا خصوصية لإصابة الواقع في ذلك ، وهو الحال في جميع الحقوق العقلية والعرفية ، فإن مقتضاها عدم تعمد الخروج عليها ، بحيث يعدّ المقدم على ذلك مخالفا لمقتضاها وإن كان مخطئا في تحقق موضوعها ، ويترتب عليه ما يترتب على مخالفها حقيقة من الذم والمؤاخذة.
ويناسب ذلك ما تضمن ثبوت العقاب بفعل مقدمات الحرام ، مثل ما تضمن أنه إذا تلاقى المسلمان بالسيف فالقاتل والمقتول في النار ، معللا دخول المقتول النار بأنه أراد قتل صاحبه (١) ، وما تضمن عقاب غارس الخمر وعاصرها ومعتصرها (٢).
وكذا ما تضمن أن نية الكافر شر من عمله ، معللا في بعضه بأنه ينوي ويأمل من الشر ما لا يدركه (٣) ، و
ما ورد من تعليل خلود أهل النار فيها بأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا (٤) ، وما ورد من أنه يكتب للكافر في سقمه من العمل السيئ ما كان يكتب في صحته (٥) ، وما ورد من حرمة الرضا بفعل الحرام ومشاركة الراضي للفاعل في الإثم (٦). فإن ذلك يقتضي بالأولوية العرفية استحقاق المتجري للعقاب الذي زاد على نية الحرام
__________________
(١) الوسائل ج : ١١ باب : ٦٧ من أبواب جهاد العدو حديث : ١.
(٢) راجع الوسائل ج : ١٧ باب : ٣٤ من أبواب الأشربة المحرمة.
(٣) راجع الوسائل ج : ١ باب : ٦ من أبواب مقدمة العبادات.
(٤) الوسائل ج : ١ باب : ٦ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٤.
(٥) الوسائل ج : ١ باب : ٧ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٥.
(٦) راجع الوسائل ج : ١١ باب : ٥ من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما من كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.