التعليل فيها بإثبات عدم جواز العمل بالخبر وسائر موارد عدم العلم. فالعمدة في المقام الدليلان الباقيان.
الأول : السنة الشريفة. وقد استدل منها بعموم ما تضمن النهي عن العمل بغير علم. ويظهر حاله مما تقدم عند الكلام في أصالة عدم الحجية ، نظير ما تقدم في الاستدلال بالكتاب.
كما استدل أيضا بما ورد من النصوص الكثيرة ـ المتواترة معنى أو إجمالا ـ في خصوص الأخبار ، المتضمنة عدم العمل بالخبر إذا لم يعلم بصدوره ، أو إذا كان مخالفا للكتاب ، أو لم يكن موافقا له ونحو ذلك. فاللازم النظر فيه على اختلاف ألسنته. فنقول : النصوص المذكورة على طوائف ..
الأولى : ما ورد في المتعارضين. كمكاتبة محمد بن علي بن عيسى : «كتب إليه يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك عليهمالسلام قد اختلف علينا فيه ، فكيف العمل به على اختلافه؟ أو الردّ إليك فيما اختلف فيه؟ فكتب عليهالسلام :
ما علمتم أنه قولنا فالزموه ، وما لم تعلموا فردوه إلينا» (١) ، ونحوها ما عن بصائر الدرجات (٢) ، وغير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في التعارض ، وقد تعرض لجملة منها في الباب التاسع من أبواب صفات القاضي من الوسائل.
ومن الظاهر خروج هذه النصوص عن محل الكلام ، بل هي على الحجية أدلّ ، لظهورها في المفروغية عن حجية الأخبار لو لا الاختلاف والتعارض بينها.
وأما الإشكال فيها بأنها من أخبار الآحاد ، فيلزم من حجيتها عدمه. فيظهر اندفاعه مما يأتي في الطائفة الثالثة.
ومثله دعوى : أن مقتضى أدلة حجية خبر الثقة كونه معلوما تنزيلا فيكون
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٣٦.
(٢) مستدرك الوسائل باب : ٩ من أبواب صفات القاضي وما يجوز إن يقضي به حديث : ١٠.