مقتضى الحديث المتقدم حجيته. إذ فيها : أنه لا معنى لجعل المعيار في العمل العلم إذا كان المراد به ما يعم خبر الثقة بعد كون خبر الثقة من الأفراد المتيقنة من مورد النصوص المتقدمة المسئول فيها عن حكم التعارض. بل المناسب حينئذ التنبيه على كفاية الوثاقة ، فالعدول عن ذلك للعلم كالصريح في إرادة العلم الحقيقي. فالعمدة ما ذكرنا.
الثانية : ما تضمن التبري من الخبر المخالف للكتاب أو الذي لا يوافقه وأنه زخرف أو باطل. وهو نصوص كثيرة ذكرها شيخنا الأعظم قدسسره وغيره ، مثل قوله صلىاللهعليهوآله : «وما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله» (١) ، وقريب منه مصحح هشام بن الحكم (٢) ، وخبر أيوب بن الحر : «كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» (٣) ، ونحوه خبر أيوب بن راشد (٤) ، وغيرها.
وهذه النصوص على كثرتها لا تنفع فيما نحن فيه أيضا ، لإباء لسانها عن التخصيص ، فلا بد من حمل المخالفة فيها على المخالفة بالتباين ، دون المخالفة للظهور ، للعلم بصدور الأخبار الكثيرة عنهم عليهمالسلام على خلاف ظاهر الكتاب. كما لا بد من حمل عدم الموافقة للقرآن على ذلك أيضا ، دون مجرد عدم الموافقة ولو لعدم وجود الحكم في ظاهر القرآن ، الذي هو ظاهرها بدوا. كيف ولا ريب في عدم وفاء ظاهر القرآن بجميع الأحكام ، وأن كثيرا منها مأخوذ من النبي صلىاللهعليهوآله وآله عليهمالسلام ، ولذا أكمل الله تعالى الدين بولايتهم ، وقد استفاضت النصوص بوجود أخبار منهم «صلوات الله عليهم» بمضامين لا يمكن تحصيلها من الكتاب الكريم.
__________________
(١) تفسير العياشي ج : ١ ص : ٨
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٥.
(٣) أصول الكافي ج : ١ ص : ٦٦ ، تفسير العياشي ج : ١ ص : ٩.
(٤) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٢ ، أصول الكافي ج : ١ ص : ٦٩.