بانطباق العناوين عليه وإن كان خطأ ، حيث لا بد من تعلق التكليف بما هو مقدور للمكلف بنحو يقتضي تحرك الاختيار والإرادة نحوه ، فالمطلوب الحقيقي للمولى هو اختيار المكلف وإرادته للفعل.
وحيث كان تمام الموضوع للإرادة والاختيار هو الصور الذهنية لزم صرف التكليف بالعناوين الواقعية إلى التكليف بالاختيار المتعلق بالصور الذهنية الحاصلة مع القطع ، فمرجع التكليف بحرمة الخمر ووجوب الصلاة مثلا إلى التكليف باختيار ترك ما يقطع بكونه خمرا ، وباختيار فعل ما يقطع بكونه صلاة مثلا ، سواء كان القطع صوابا أم خطأ.
وفيه أولا : أنه مختص بما إذا كان الخطأ في الموضوع ذي الحكم الثابت ، كالأمثلة المتقدمة ، دون ما إذا كان في نفس الحكم ، كما لو قطع خطأ بحرمة عصير الزبيب ، حيث لا حكم واقعا ليدعى عمومه لمورد الخطأ. وأنه يستلزم إجزاء ما يقطع خطأ بأنه من أفراد الواجب ، وترتب بقية آثار العنوان المقطوع به خطأ ، كالكفارة والحد ونحوهما مما تضمنت الأدلة ترتبه على موضوع التكليف ... إلى غير ذلك مما لا يمكن البناء عليه.
وثانيا : أن اعتبار القدرة في التكليف لا يستلزم كون المكلف به هو إعمال الاختيار ، ليدعى كون موضوع الاختيار هو الصور الذهنية وإن لم تطابق الواقع ، بل يكفي فيه كون القدرة قيدا في التكليف مع كون المكلف به هو الواقع ، كما هو ظاهر الأدلة والمناسب لكونه مورد الأغراض والملاكات. وأما إعمال الاختيار لتحصيل الواقع فهو من شئون امتثال التكليف بالواقع من دون أن يكون بنفسه موردا للتكليف.
الثاني : أن القطع بكون شيء ما معصية يستلزم القبح الفاعلي بفعله ، كما سبق في آخر الفصل السابق ، بل يأتي أنه يوجب القبح الفعلي ، حيث يكون