على أنه لا مجال للتعويل على هذه النصوص بعد التأمل في سيرة الأصحاب قديما وحديثا وتسالمهم على الرجوع للروايات والعمل عليها ، لأن هذه النصوص نصب أعينهم ، فعدم امتناعهم لأجلها من العمل بالأخبار المتداولة بينهم شاهد باطلاعهم على ما يمنع من العمل بها فيها ، إما لانصرافها إلى ما ذكرناه ونحوه ، أو لتهذيب الأخبار عن الأخبار المكذوبة بعد عرضها على الأئمة عليهمالسلام ، أو لقرائن أخر ، بنحو يعلم بارتفاع ما يقتضي التوقف عنها ويلزم بطلب الشاهد عليها.
هذا مضافا إلى النصوص الكثيرة التي يأتي التعرض لها هناك الظاهرة في المفروغية عن قبول أخبار الثقات عن أهل البيت عليهمالسلام ، حيث لا مجال معها للتعويل على هذه النصوص في التوقف عنها ، بل تكشف عن خلل فيها إما بما ذكرنا أو غيره.
والمظنون اختصاص ذلك بأوقات خاصة كثر فيها الكذب والتخليط والدس في غفلة من أصحاب الأئمة عليهمالسلام عن ذلك واسترسالهم عند بدئهم بتدوين الحديث ، وقد زال ذلك بعد أن نبهوا وتنبهوا بنحو أوجب شدة احتياطهم وحذرهم عند تحمل الروايات وعند روايتها ، وتحفظوا على كتبهم ، كما يناسب قبولهم لأخبار الثقات وجريهم على ذلك من غير نكير ، كما يأتي عند التعرض لأدلة المثبتين للحجية إن شاء الله تعالى.
الثاني : الإجماع. فقد ادعى السيد المرتضى قدسسره إجماع أصحابنا على عدم العمل بأخبار الآحاد ، بل جعلها كالقياس في كون ترك العمل به ضروريا من مذهب أصحابنا يعرفه الموافق والمخالف عنهم.
ويندفع بمنع الإجماع المذكور ، بل الإجماع على خلاف ذلك ، كما يأتي في أدلة المثبتين. وهو قدسسره وإن ادعى أن الأخبار التي يعمل بها الأصحاب محتفة بالقرائن القطعية ، وإن كانت مودعة في الكتب بطرق الآحاد ، إلا أنه لا يبعد كون