الحكم الشرعي والجهل به. نعم البناء على الحظر في هذه المسألة لا يستلزم البناء على الاحتياط الشرعي ، بل يمكن معه البناء على البراءة الشرعية امتنانا من الشارع على المكلف. كما أن القول بالإباحة في المسألة المذكورة يجتمع مع كل من البراءة والاحتياط العقليين والشرعيين في ظرف الجهل بالحكم الشرعي مع فرض وروده ، ولا يستلزم القول بالبراءة العقلية ، فضلا عن الشرعية ، لإمكان كون ورود الحكم الشرعي سببا للزوم التحفظ عليه والاحتياط فيه عقلا أو شرعا.
وهكذا الحال في الوجه الثاني ، لظهور كمال التباين بين تشخيص الحكم الشرعي المجهول الذي هو مفاد القاعدة ، وتعيين الوظيفة العقلية عند الجهل من دون تشخيص له ، الذي هو مرجع النزاع في البراءة والاحتياط.
هذا والقاعدة على الوجهين الأولين وإن كانت أجنبية عما نحن فيه ، إلا أنها قد تنفع في مقام العمل. ومن ثم كان المناسب الإشارة لما هو الحق فيها عليهما تمهيدا لمحل الكلام.
ولا ينبغي التأمل في أن الحق على الوجه الأول الإباحة ، وأن استحقاق العقاب مشروط بالمنع الشرعي. ومجرد ملكه تعالى للمكلف ولأفعاله لا يقتضي عقلا إلا سلطانه على منعه ونفوذ تشريعه في حقه ، لا امتناعه عما لم يرخصه فيه. ولذا كان المرتكز عرفا احتياج المنع إلى الجعل بالبيان.
ولا مجال لقياسه بالملكية الاعتبارية التي تقتضي ارتكازا حرمة التصرف في المملوك ما لم يرخص فيه المالك ، بل ما لم يثبت الترخيص منه. لاختلاف سنخ الملكيتين ، لأن ملكيته تعالى حقيقية ، وهي لا تقتضي إلا ما ذكرنا. وأما الملكية الاعتبارية فهي ارتكازا إنما تشرع من أجل اختصاص المالك بملكه وإناطة السلطنة عليه به نوعا واقتضاء ، وإن كان عموم المنع الفعلي وخصوصه