أما في الاصطلاح فقد اختلفوا في تعريفه. ولعل الأولى أن يقال : «التعارض هو منع كل من التعبدين أو الأكثر من حجية الآخر ومن نهوضه بالعمل ، بلحاظ إطلاق دليل التعبد به بسبب تنافي المؤديين أو الأكثر بالذات ، أو لأمر خارج».
وبقولنا : «منع ...» يظهر أن التعارض هو الأمر المسبب عن التنافي بين المؤديين ، لا نفس التنافي بينهما ـ كما تضمنه غير واحد من تعاريفه ـ لأن ذلك هو الأنسب بالمعنى اللغوي المتقدم.
وبقولنا : «كل من التعبدين ...» يظهر اختصاص التعارض المصطلح بتعارض ما يتضمن التعبد الشرعي ، دون غيره كالأخبار التاريخية والعلمية غير التعبدية وغيرها مما لا يتعلق بمقام العمل.
نعم قد يصدق التعارض فيها عرفا بلحاظ التكاذب في مقام الحكاية والكشف عن الواقع. لكنه خارج عن وظيفة الأصولي ، لعدم دخل ذلك بتشخيص الوظيفة العملية.
كما أنه يظهر بذلك عدم اختصاص التعارض المصطلح بالأدلة الاجتهادية ، بل يعمّ الأصول العملية ، لعموم جملة من أحكامه العامة لها. نعم الأخبار الواردة في التعارض مختصة بتعارض الأدلة الاجتهادية ، بل بتعارض خصوص الأخبار منها. إلا أن ذلك لا يقتضي قصر التعارض المصطلح عليه.
وبقولنا : «أو الأكثر» يظهر عموم التعارض لما يكون بين أكثر من دليلين ، كما لو ورد دليل بوجوب القصر ، وآخر بوجوب الصيام ، وثالث بالتلازم بين التقصير والإفطار وبين الإتمام والصيام. فإن العموم لذلك هو المناسب لعموم جملة من أحكام التعارض العامة له.
غاية الأمر أن بعض الأخبار الواردة في التعارض تختص بتعارض