صحيح حريز الشاهد لما نحن فيه أيضا من أن الإيمان للمؤمنين بتصديقهم.
فقد روى حريز أن إسماعيل بن الإمام الصادق عليهالسلام دفع إلى رجل من قريش بلغه أنه يشرب الخمر مالا ليشتري له به بضاعة ، فأكل الرجل المال ، فدعا إسماعيل في الطواف بالأجر والخلف ، قال حريز : «فلحقه أبو عبد الله عليهالسلام فهمزه بيده من خلفه وقال له : يا بني فلا والله مالك على الله هذا ، ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته. فقال إسماعيل : يا أبت إني لم أره يشرب الخمر ، إنما سمعت الناس يقولون. فقال : يا بني إن الله عزوجل يقول في كتابه : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) يقول : يصدق الله ويصدق للمؤمنين. فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ، ولا تأتمن شارب الخمر ...» (١) ، وقريب منه مرسلة العياشي (٢).
وحملهما على التصديق الصوري بعيد جدا ، ولا سيما مع تطبيق الإمام عليهالسلام شارب الخمر على الرجل المذكور. بل لا مجال له في حديث عمر ابن يزيد : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أرأيت من لم يقرّ بأنكم في ليلة القدر كما ذكرت ولم يجحده. قال : أما إذا قامت عليه الحجة ممن يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر ، وأما من لم يسمع ذلك فهو في عذر حتى يسمع ، ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين» (٣).
هذا ولو تم ما ذكرنا فلا إطلاق للآية الشريفة يقتضي عموم تصديق المؤمنين ، لعدم ورودها في مقام بيان لزوم تصديقهم ، بل في مقام بيان أن تصديقه صلىاللهعليهوآله لهم دون المنافقين ، مدحا لهم بذلك وردعا للمنافق المذكور من دون أن ينافي اعتبار بعض الأمور في تصديقهم.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٣ باب : ٦ من أبواب الوديعة حديث : ١.
(٢) تفسير العياشي ج : ٢ ص : ٩٥ حديث : ٨٣ من تفسير سورة براءة.
(٣) الوسائل ج : ١ باب : ٢ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ١٩.