لكن لا حاجة للتشبث في وجه الاحتياط بما ذكره مع جريان استصحاب عدم كون المرأة زوجة أو ملك يمين ، لكفاية الاستصحاب المذكور في إحراز عدم الحل ، وأما مع عدم جريانه ، لتعاقب الحالتين والجهل بالتاريخ ، فالظاهر أن وجوب الاحتياط ليس لما ذكره ، بل للارتكازيات المتشرعية الكاشفة عن اهتمام الشارع الأقدس بالواقع بنحو يمنع من الإقدام من دون إحراز السبب المحلل ، ويكون هذا مخصصا لعموم أدلة البراءة.
بل قد يستفاد ذلك من الأمر بحفظ الفرج عن غير الزوجة وملك اليمين ، لأن حفظ الفرج عن غير الزوجة وملك اليمين ليس عبارة عن مجرد عدم الاستمتاع به واقعا ، بل هو عبارة عن التحفظ على الفرج من ذلك والتوقي منه ، الراجع للاحتياط فيه. ولا مخرج عنه إلا أن تحرز الزوجية بالاستصحاب أو غيره. ويجري نظير ذلك في وجوب حفظ الفرج من النظر ، بناء على ما في بعض النصوص (١) من أن ذلك هو المراد من حفظ الفرج في قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ... (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ)(٢). ومن ثم لا يبعد القول ـ بل قد قيل ـ بوجوب الاحتياط بالتستر على من لم يأمن من الناظر وإن لم يعلم بوجوده. بخلاف غضّ النظر المحرم عن الجسد فإنه لا يجب إلا مع العلم به ، لعدم تضمن دليله الحفظ أو نحوه مما يقتضي الاحتياط. وربما يستفاد ذلك من بعض النصوص الواردة في المقامين ، وإن كان محتاجا إلى مزيد فحص وتأمل.
وأما الأموال فالحديث الذي استشهد به فيها هو قول الإمام الرضا عليهالسلام في كتابه الذي رواه محمد بن زيد الطبري : «لا يحل مال إلا من وجه أحله الله» (٣).
__________________
(١) الوسائل ج : ١ باب : ١ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣ ، ٥.
(٢) سورة النور الآية : ٣٠ ـ ٣١.
(٣) الوسائل ج : ٦ باب : ٣ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام من كتاب الخمس حديث : ٢.