الحكاية عن المصاديق ، ولا خصوصية لعنوان الوفاء في ذلك ، لكن ذلك لا ينافي دخلها في الحكم بنحو يلزم إحرازها بالأصل ، بحيث لا بد من إحراز المصداق بالأصل من حيثيتها ، لا بذاته ، كما تقدم.
وأما ما ذكره من أن عنوان الوفاء منتزع من الأفراد المذكورة ، فإن أراد به أن تعلق الحكم به بلحاظ وجوده الخارجي الذي لا يكون إلا بوجود الفرد. فهو يجري في كل عنوان يؤخذ في كبريات الأحكام الشرعية. وإن أراد به سوقه لمحض الحكاية عن الأفراد من دون أن يكون دخيلا في الحكم ، وليس الدخيل في الحكم إلا الأفراد بعناوينها الخاصة ، فيكفي إحرازها بالأصل بنفسها من دون حاجة إلى إحرازه ـ كما يناسبه تنظيره بالمقدمية والضدية ـ فهو خروج عن ظواهر الأدلة ، بل عما هو المقطوع به منها من دخله فيه ، كسائر العناوين المأخوذة في القضايا الشرعية ، بل مطلق القضايا الحقيقية.
كيف؟! ولازمه عدم جريان الأصل في نفس وجوب الوفاء أو موضوعه أو شرطه أو مانعة ، كحصول النذر ، وحلّ الأب أو الزوج له ونحوهما مما يرجع إلى كبرى وجوب الوفاء. ولا مجال لقياسه بعنوان المقدمية والضدية ، لوضوح عدم أخذها في موضوع الحكم في أدلة شرعية ، وإنما استفيد ثبوت الحكم الشرعي لهما بحكم العقل الذي لا نظر له إلا إلى المصداق بنفسه ، وليست المقدمية أو الضدية إلا جهة تعليلية أو انتزاعية.
فلعل الأولى أن يقال : لا يتوقف جريان الأصل على أن يكون مجراه مأخوذا في كبرى شرعية ، بل يكفي كونه موضوعا للأثر الشرعي ـ ليدخل في ما تقدم من أن التعبد بالموضوع يستتبع التعبد بأثره ـ سواء كان ذلك مفاد الكبرى الشرعية ـ كاستصحاب زوجية المرأة لإحراز وجوب الإنفاق عليها ، أو عدم حلّ الزوج لليمين لإحراز نفوذه ـ أم مستفادا من انطباق الكبرى على الصغرى ، كما في المقام ونحوه مما كانت الصغرى فيه قضية ، وكان المستفاد من الكبرى