هو (١) ما عدا اليقين ، يحصل الشكّ لخلوّ (٢) المحلّ القابل عن المعارض ، فعدم الشكّ لا تأثير له في حصول اليقين ما لم يفرض وجود علّة العلم من الواسطة في الإثبات المركّب من المقدّمتين ، فانتفاء العلم دائما مستند إلى انتفاء أحد جزئي علّته وهي الصغرى تارة ، والكبرى أخرى ، لا إلى وجود المانع بعد إحراز المقتضي ؛ لأنّ ذلك لا يعقل في العلم.
وإذ قد عرفت هذه فنقول : إذا قيل : « صم » وشكّ في وقت معلوم في وجوب الصوم في ذلك الوقت ، فعدم العلم بهذا الحكم من جهة انتفاء الكبرى ؛ إذ المفروض عدم وجوب الصوم دائما أو موقّتا إلى وقت معيّن ، لإطلاق الأمر وإهماله ، وإن كانت الصغرى موجودة ؛ للعلم بوجود النهار في الفرض مع الشكّ في وجوب الصوم في تمام النهار ، وإذا (٣) قيل : « صم إلى غسق الليل » وشكّ في وقت أنّه هل هو من النهار أو لا؟ فعدم العلم بوجوب الصوم في الفرض من جهة انتفاء الصغرى مع العلم بالكبرى وهو وجوب تمام صوم النهار ، فلو فرض في الفرض الأوّل وجود (٤) كلمة (٥) تدلّ على وجوب صوم النهار لم يكن الشكّ معقولا ، كما أنّه لو فرض في الفرض الثاني ما يدلّ على أنّ الوقت المشكوك من النهار ما كان الشكّ في الوجوب معقولا ، فعدم العلم في المقامين مستند إلى فقد تمام المقتضي للعلم وانتفاء العلّة ، ولا يعقل وجود المانع من العلم بعد إحراز الصغرى والكبرى والعلم بهما ، فظهر من ذلك أنّ استصحاب القوم مع استصحابه مشتركان في عدم مقتضي اليقين ، فإنّ الفرض الأوّل من استصحاب القوم وانتفاء العلم فيه لانتفاء الكبرى ، والفرض الثاني من استصحابه وانتفاء العلم فيه لانتفاء الصغرى.
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ هو.
(٢) كذا. ولعلّ الصواب : بخلوّ.
(٣) « ج » : فإذا.
(٤) « ز ، ك » : ورود.
(٥) كتب تحتها في « م » : كلّه « نسخة » وفي « ج » : كلّية.