فبالاستصحاب يحكم بالبقاء ، والموضوع هو نفس الوجود ، مثلا الطهارة السابقة عند حدوث المذي مستصحبة وبالاستصحاب باقية ، والموضوع هو وجود الطهارة ، ولا مدخل فيه لعدم (١) الرافع ، ويوضحه ملاحظة حال الطلاق بالنسبة إلى النكاح فيما إذا شكّ في وقوعه بلفظ غيره كـ « أنت خليّة » ونحوه ، فإنّ الزوجية السابقة ممّا لا يؤثّر فيها عدم الطلاق وإن كان يؤثر في البقاء ، والاستصحاب بعد عدم تغيّر (٢) الموضوع وعدم اختلاف القضيّة المشكوكة والقضيّة المعلومة ، ممّا يقضي (٣) بالبقاء ، والبقاء ليس موضوعا كما لا يخفى.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في المقام إلاّ أنّه لا يخلو عن شيء ، فتأمّل.
وأمّا المقام الثاني : فيما إذا كان الشكّ في المقتضي ، والمانع ممّا له مدخل في وجود الحكم المعلول ، فنقول : قد تقرّر في محلّه ـ كما ستعرف في الخاتمة (٤) ـ وجوب إحراز الموضوع في الاستصحاب ، وهذا الشرط بإجماله ممّا لا خلاف فيه ولا ريب يعتريه وإن كان قد يخالف بعضهم في بعض مقاماته ، فلا يصحّ الاستصحاب إذا تبدّل الموضوع بموضوع آخر ، بل والمحمول أيضا ، أو جزء منهما ، أو قيد منهما ، فلا بدّ أن لا يكون القضيّة المشكوكة مخالفة للقضيّة المتيقّنة سوى ما هو المفروض من اليقين في إحداهما والشكّ في الأخرى ، بل لو احتملنا تبدّل الموضوع أو ما يعتبر فيه من حال أو وصف أو شرط ، لا يحكم بالاستصحاب فيه أيضا ، إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم أنّ (٥) المعيار في تميّزه أيّ شيء هو؟ فقد يقال بأنّ التحقيق هو التدقيق في أمره ، فعلى هذا فالأمر كما أفاده الأمين ، وقد يقال بأنّ المعيار في التميّز هو العرف ، فكلّ قضيّة يكون متّحدة مع
__________________
(١) « ج ، م » : عدم.
(٢) « ج » : تغيير.
(٣) « ج » : تقتضي.
(٤) المراد بها هداية تقوّم الاستصحاب ببقاء الموضوع ص ٣٧٧.
(٥) « ج ، م » : ـ أنّ.