عدلنا في المقام إلى الأخبار المشتملة على الوثوق. نعم لا يبعد دعوى أنّ العدالة أيضا معتبرة من حيث إنّها طريق لا من حيث إنّها موضوع لكن مجال المنع فيها واسع بخلاف الوثاقة ، والأمر في ذلك موكول إلى استقامة الطبيعة كما لا يخفى.
ومنها : ما في رواية عمر بن حنظلة من الأمر بأخذ ما قاله أصدق المخبرين ، فإنّ اعتبار الصدق في الترجيح ممّا لا يحتمل التعبّد قطعا فليس إلاّ بواسطة أنّ رواية الأصدق أقرب مطابقة إلى الواقع وأبعد عن احتمال الكذب من غيره.
لا يقال : إنّ المدار على صدق الراوي لا على صدق الرواية ولا تنهض على المطلوب إلاّ على تقدير الثاني ؛ إذ لا منافاة بين صدق المخبر وكذب الخبر.
لأنّا نقول : إنّ العرف قاض بأنّ ترجيح أحد الخبرين على الآخر بواسطة صدق مخبره ليس إلاّ بواسطة صدق الخبر كما هو ظاهر لمن تدبّر.
ومنها : ما يظهر في المقبولة أيضا من قوله : « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » فإنّه يمكن الاستظهار من عموم التعليل المذكور ، وبيان ذلك أنّه حكم في الرواية بتقديم (١) الرواية المشهورة على الرواية الشاذّة وعلّل ذلك بأنّ المجمع عليه لا ريب [ فيه ] ولا ريب في أن ليس المراد بنفي الريب هو نفي الريب (٢) من جميع الوجوه المحتملة كما هو كذلك في المجمع عليه بحسب مصطلحهم في الفتاوى ، أمّا أوّلا : فلأنّ مجرّد كون الرواية ظاهرة ممّا نقلها غير واحد من الرواة لا يستلزم أن يكون مقطوعا بها ، وإلاّ لزم أن يكون الرواية الشاذّة ممّا يقطع بفسادها (٣) ، وفساده قطعي ؛ إذ على تقديره يكون التعارض بين الحجّة واللاحجّة ، مع (٤) أنّه يمتنع أن يكون الخبران على هذا التقدير مشهورين كما هو صريح الرواية.
وأمّا ثانيا : فلأنّ غاية ما يستفاد من الشهرة هو القطع بالسند ، وأمّا الدلالة أو
__________________
(١) « د » : بتقدّم.
(٢) « س » : ـ نفي الريب.
(٣) « د » : بفساده.
(٤) « س » : فمع.