يغمض عينيه في الركوع أو يفتحهما؟ (١) قاتلهم الله أنّى يؤفكون.
الثالث : أن يكون الوجه في المخالفة هو مطلوبية مخالفتهم على أن يكون المخالفة معتبرة من حيث الموضوعية ، فلا يكون المناط في كشفها عن صدور الرواية من غير جهة التقيّة كما هو المدار في الوجه الأوّل ، أو أقربية المضمون للواقع على ما هو المناط في الوجه الثاني ، ويمكن استظهار ذلك من قوله : « فإنّ الرشد في خلافهم » إذا جعلنا الخلاف مصدرا ، فيكون المعنى فإنّ الرشد في مجرّد مخالفتهم ومحض خلافهم ، وكذا يستفاد من قوله : « فإنّ الحقّ فيما خالفهم » إذا اعتبر كلمة « ما » مصدرية لا موصولة.
وإذ قد تحقّق هذه الوجوه فنقول : إنّ الوجه الثالث ممّا يلتصق بما نحن بصدده لكنّه كما عرفت مبنيّ على استظهار غير ظاهر وإن كان محتملا ، والوجه الأوّل وإن كان يساعده الاعتبار إلاّ أنّه لم يكن معلوما من الأخبار ، نعم يمكن الاتّكال عليه عند ما يراد تشخيص عمل العلماء بمطلق القوّة ، والوجه الثاني لو تمّ كما عرفت من دلالة الأخبار عليه ينهض بما هو المقصود حيث إنّ المناط فيه هو الأقربية إلى الواقع ، فيعلم منه أنّ الأقرب إلى الواقع مقدّم على غيره ، وهذا هو الوجه في تعويل الأصحاب على الأخذ بما هو الأقرب إلى الواقع عند المعارضة ، وليس في ذلك متابعة للعامّة كما افتراهم بذلك بعض القاصرين ، فحاشاهم عن متابعة من ملئوا طواميرهم عن وجوب مخالفتهم ، وهل يرتضي المنصف من نفسه أن يظنّ في حقّ الشيخ والمحقّق والعلاّمة مثل هذا الظنّ؟ فإنّ بعض الظنّ إثم.
وقد يستدلّ على ذلك ـ مضافا إلى ما عرفت ـ بوجهين (٢) آخرين : أحدهما : ظهور الإجماع على ذلك وليس بكلّ البعيد ، وقد نقل الإجماع غير واحد من أصحابنا
__________________
(١) زهر الربيع : ٥٢٢ نقلا من هامش الرسائل ١ : ٦١٥ و ٤ : ١٢٥.
(٢) « س » : جهتين.