لا دخل (١) له في صدق الخبر إلاّ أن يكون المدار على التعبّد الصرف ولا نقول به ، فما هو الحاصل من أحدهما يحصل من الآخر.
فينبغي أن يحمل على أنّ المعتبر في مقام الترجيح هو أحد هذه الأمور ، ولا يضرّ في ذلك تكرار أحدهما ولو بعبارة أخرى غير العبارة التي عبّر بها أوّلا ؛ إذ لا شبهة أنّ خبر العادل أقرب إلى الواقع من غيره وقضيّة ذلك أقربية الأعدل من غيره ، وذلك أمر ظاهر بالرجوع إلى كلماتهم فإنّ المناط عندهم الأقربية ولذلك يقدّمون روايات حسن بن عليّ بن فضّال مع كونه فطحيا على رواية بعض آخر وإن كان إماميا حيث إنّه لم يتّكل على الروايات التي رواها عن أبيه ؛ لعدم بلوغه حال التحمّل مع أنّ المعتبر عندهم هو البلوغ حال الرواية ، ومن هنا ينقدح لك الوجه في تقديم رواية صاحب الواقعة على غيره ؛ لكونه على حرص من ضبط الرواية في الأغلب.
ومن المرجّحات المذكورة في المقبولة اشتهار أحد الخبرين دون الآخر بحسب الرواية وقد عرفت (٢) المراد منه ، وتوضيحه أنّ الشهرة في المقام المراد منها معناها اللغوي كقولهم : سيف شاهر ، أي ظاهر بارز لا سترة عليه ولا يخفى عند أحد ، ولذلك أردفه في الرواية بقوله : « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه » فالرواية التي تتداول (٣) بين الرواة ويحكيها جماعة من الثقات تعدّ مشهورة ، وما انفرد في روايتها بعض الرواة على وجه يستراب فيها هو الشاذّ النادر.
ثمّ المراد باشتهار الرواية هو اشتهارها على وجه ينتهي اشتهارها إلى المعصوم ، وأمّا لو اشتهرت في بعض الطبقات دون أخرى فالظاهر أنّ الرواية ليست شاملة لها وإن كان لا يبعد إلحاق مثلها بالمشهورة حكما كما لا يخفى.
ثمّ إنّ في أمثال هذه الأزمنة قد يشكل العلم بموضوع هذه الشهرة ؛ لاجتماع
__________________
(١) « س » : مدخل.
(٢) عرفت في ص ٥٨٠.
(٣) « ج » : يتداولون « د » : يتداولوه.