الإجماع على طريقة العامّة ثلاثة لأنّه : إمّا دالّ أو ساكت أو ناف ، إذ لا إجمال ولا ترديد فيه كما لا يخفى ، فلا استصحاب على الأوّل والأخير بخلاف الثاني ، وأقسامه على الطريقة كأقسام اللفظ. وعلى (١) طريقة المتأخّرين والحدس فله أقسام ثلاثة ؛ إذ لا إجمال ولا ترديد فيه ، يجري الاستصحاب في قسم منها دون القسمين الأخيرين (٢).
فظهر من جميع ما تقدّم توضيحه أنّ مجرّد قابلية الحكم للبقاء في الحالة الثانية يكفي في الاستصحاب ولا مدخل للدليل فيه ، ولا يتفاوت الحال في ذلك ، سواء كان هو الإجماع أو غيره.
وقد ينسب إلى الغزالي التفصيل بين ما إذا كان الإجماع دليل ثبوت المستصحب فلا يجري فيه الاستصحاب ، وبين ما إذا كان الدليل نصّا فيجري فيه الاستصحاب ، واستند في ذلك ـ على ما هو المشهور منه ـ إلى منافاة الإجماع للخلاف ، فلا يمكن استصحاب حال الإجماع عند الشكّ بخلاف النصّ لإمكان الخلاف مع النصّ.
وأجاب عنه جملة منهم تارة بالنقض بالنصّ فيما لو كان ساكتا أو مجملا ؛ لعدم دلالته في (٣) محلّ الخلاف والشكّ ، وأخرى بالحلّ بأنّ الاستصحاب هو الدليل في الزمان الثاني نظرا إلى الأدلّة المعهودة على اختلاف المشارب لا الإجماع ، فمنافاته للخلاف ممّا لا ضير فيه فيما هو المقصود.
والتحقيق : أنّ العبارة المنقولة من الغزالي ممّا لا دلالة فيها على التفصيل المذكور بوجه وهي هذه على ما حكاها في النهاية على ما في شرح الوافية للسيّد في المتيمّم إذا وجد الماء في الأثناء و (٤) في المتطهّر إذا خرج منه (٥) شيء من غير السبيلين بعد ما استند الشافعي للمضيّ (٦) والبقاء إلى الاستصحاب (٧) ، قال : المستصحب إن أقرّ بأنّه لم يقم دليلا
__________________
(١) « ج ، م » : ـ على.
(٢) « ز ، ك » : الآخرين.
(٣) « ج ، م » : دلالته على في.
(٤) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : أو.
(٥) « ج ، م » : ـ منه.
(٦) « ج ، م » : إلى المضيّ.
(٧) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الاستصحابات.