والقول بعدم دلالتها على الشكّ الساري وإن كان اللفظ لا يأبى عن ذلك لو لوحظ مجرّدا عن موارد (١) الروايات ، بل قد نبّهنا (٢) على ظهوره بعد امتناع إرادة المعنى الحقيقي من تلك الأخبار لامتناع التناقض بين الشكّ واليقين في الهداية الخوانسارية ، لكن قول الإمام عليهالسلام : « لأنّك كنت على يقين من طهارتك » (٣) من أقوى الشواهد على إرادة هذا المعنى دون ما هو المناط في الشكوك السارية.
نعم في الروايات التي احتجّ الأصحاب بها على الاستصحاب ما هو محتمل الوجهين كما أشرنا إليه عند (٤) الاحتجاج بها وهو رواية الخصال : « من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه » (٥) إلاّ أنّه قد يستظهر دلالتها على الاستصحاب أيضا نظرا إلى اتّحاد مساقها لما هو مساق أخبار الاستصحاب.
ولئن سلّمنا إمكان اجتماعهما في الإرادة من دليل واحد فالشكوك السارية ممّا لا عبرة بها ؛ لابتلائها بالمعارض دائما ، فإنّ اليقين بشيء لا محالة مسبوق بحالة سابقة على ذلك اليقين وهي مستصحبة حال الشكّ في صحّة اليقين ؛ إذ المفروض أنّ (٦) اليقين السابق مشكوك الصحّة فيؤول الأمر إلى ارتفاع تلك الحالة وبقائها ، الأصل يقضي (٧) بالثاني فلو اعتقدنا عدالة زيد بعد العلم بفسقه أو مع جهل حاله فلو شكّ في صحّة ذلك الاعتقاد لا بدّ من استصحاب الفسق (٨) أو حكم الجهل ، فإنّ توهّم سقوط الحالة السابقة بمثل اليقين المشكوك صحّته شطط من القول كما هو ظاهر ، فالقول بالصحّة كما هو قضيّة الاستصحاب (٩) الساري معارض بالقول بعدمها كما هو قضيّة الاستصحاب (١٠) الطارئ.
__________________
(١) « ك » : مورد.
(٢) نبّه في ص ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٣) تقدّم في ص ٩٥.
(٤) « ز ، ك » : فعند.
(٥) تقدّم في ص ١٠٣.
(٦) « ز » : ـ أنّ.
(٧) « ج » : يقتضي.
(٨) « ك » : نفس الفسق.
(٩) « ج ، ز » : استصحاب.
(١٠) « ز ، ك » : استصحاب.