ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، فلا بدّ لدوامه من دليل وسبب سوى دليل الثبوت (١) ـ (٢) ، انتهى. وظهور دلالته على عدم اعتبار الاستصحاب في مثل عدم التذكية التي من الموضوعات أيضا ممّا لا يقبل الارتياب ، ومن هنا يظهر وجه آخر في عموم النزاع للاستصحابات العدمية كما أشرنا إليه في المقام الأوّل.
وثالثها : عموم أدلّة المثبتين والنافين لكلّ من القسمين ، فإنّ بناء العقلاء على الاعتبار ممّا لا يفرق فيه بينهما ، وكذا التسوية بين الحكمين في الزمانين من غير دليل ممّا لا دليل على افتراقها بين القسمين ، وستقف على جملة أخرى من أدلّة الطرفين الظاهرة في التعميم إن شاء الله.
وأمّا الوجوه الدالّة على خروج الموضوعات ممّا قدّمناها ، فالجواب عنها : أنّ أمثال ذلك في عناوينهم غير عزيز ، مع عموم النزاع لغير ذلك أيضا إلاّ أنّ وجه (٣) التخصيص تعلّق غرض أرباب العنوان بهذا القسم منه ، على أنّ الاستصحاب ليس أمارة كما هو القياس في البيّنة ، وتحقيق ذلك : أنّ الشارع تارة : يجعل شيئا أمارة لدخول (٤) بعض أفراد العنوان فيه عند الشكّ في ذلك ، كما في البيّنة ـ مثلا ـ على تقدير اعتبارها تعبّدا ، وأخرى : يجعل للمشكوك حكما كما يجعل لنفس العنوان الكلّي مع قطع النظر عن كونه مشكوكا حكما ، والاستصحاب من قبيل الثاني لا الأوّل كما لا يخفى.
وأمّا دعوى الإجماع ـ على ما استظهره (٥) الخصم من الكلمات المذكورة ـ فواهية جدّا بعد ما عرفت من الخلاف في كلام الخاصّة والعامّة ، ولنعم ما أفاده (٦) الأستاد ـ بعد نقله كلام الأمين ما هذا لفظه : عجبا ممّن ينكر الإجماعات التى يدّعيها العلماء الماهرون
__________________
(١) « ز ، ك » : فلا بدّ من الدليل في دوامه غير دليل الثبوت.
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٣٨٧. وسيأتي عنه في ص ٢٣٠.
وفي هامش « م ، ز » : ولقد رأيت في كلام المدارك كثيرا ما يتمسّك بالأصل ، ولعلّه إنّما كان منه جريا على طريقة القوم في استفاض [ ة ] الأدلّة على المطلوب. « منه ».
(٣) « ج » : أيضا ووجه.
(٤) « م » : دخول ، « ج » : الدخول.
(٥) « ز ، ك » : استظهر.
(٦) « ز ، ك » : أفاد.