المرجّح لا يجوز ملاحظة الترتيب ، وبعض الموارد ممّا يجب الملاحظة لوجود المرجّح كما عرفت ، ولا بدّ أن يعلم أنّ ما ذكرنا من اختلاف الأقسام وأحكامها إنّما هو ملحوظ في المخصّصات المنفصلة كما عرفت في الأمثلة المذكورة ، وأمّا المخصّصات المتّصلة كالصفة والشرط والغاية وبدل البعض ونحوها فاللازم فيها ملاحظة الترتيب ؛ لكونها جزء من العنوان ، فما يحتمل معارضته للعنوان إنّما يؤخذ معارضا بعد أخذ العنوان على جميع أنحاء قيوده.
نعم ، قد يشكّ في بعض المخصّصات في أنّه ملحق بأيّ الفرقتين فيشكّ في حكمه أيضا كالاستثناء ؛ إذ يحتمل أن يكون من قيود الموضوع كالصفة ، ويحتمل أن يكون كالمخصّص المنفصل كقولك : « لا تكرم زيدا » بعد الأمر بإكرام العلماء ، والظاهر إلحاق الاستثناء بالمخصّصات المتّصلة فإنّ قولك : « ما جاءني القوم إلاّ زيد » يجري مجرى « ما جاءني غير زيد » ولا يعدّ عندهم من الكلامين المنفصل أحدهما عن الآخر.
وربّما يكون ما ذكرنا من الإشكال في إلحاق الاستثناء وجها لاختلافهم في العارية حيث إنّهم نفوا فيها الضمان إلاّ عند اشتراطه ، ثمّ إنّهم اختلفوا في الذهب والفضّة ، فقال بعضهم بالضمان ولو عند عدم الشرط ، وبعضهم خصّ الحكم بالدراهم والدنانير وحكم بعدم الضمان في غيرهما كما عن الإيضاح (١) محتجّا في ذلك برواية دلّت على استثناء الدراهم والدنانير فحكم بتخصيص ما دلّ على استثناء مطلق الذهب والفضّة ، وأورد عليه ثاني المحقّقين (٢) بأنّه لا تعارض ؛ لأنّ استثناء الذهب والفضّة في الرواية يقتضي ثبوت الضمان في هذين الجنسين ، واستثناء الدراهم والدنانير في الرواية التي تضمّنه يقتضي كون المخرج من العموم الدراهم والدنانير ، ولا تعارض بين المخصّصين ، فيحكم بخروج الجنسين ، وظاهر المورد أنّه فرض الاستثناء من قبيل المعارض المنفصل ، وإلاّ فعلى تقدير الاتّصال فلا بدّ من سلوك ما سلكه سيّد الرياض تبعا
__________________
(١) ايضاح الفوائد ٢ : ١٢٩ ـ ١٣٠.
(٢) جامع المقاصد ٦ : ٧٩.