الظنّ الثابت اعتباره بدليل الانسداد ، فقد فرغنا عن تحقيقه وتنقيحه صحّة وفسادا بما لا مزيد عليه في مباحث (١) الظنّ ، فليراجع ثمّة.
وأمّا ثالثا : فبعد تسليم المقدّمتين لا ريب في عدم انتهاضه بتمام المدّعى ؛ لاختصاصه بالاستصحاب المفيد للظنّ ، والمدّعى ـ بقرينة الأخذ به والرجوع إليه في موارد لا يفيد الظنّ كالنجاسة والطهارة كما يظهر من ديدنهم ويوضحه تقديمهم الأصل (٢) على الظاهر ـ أعمّ من المفيد له ومن غيره.
فإن قلت : عدم إفادة الاستصحاب الظنّ في جميع الموارد إنّما يضرّ (٣) فيما لو أراد المستدلّ القول بإفادته الظنّ الشخصي وليس كذلك ، بل قد يكون المستدلّ من أرباب الظنون النوعية ، فيتمّ الاستدلال ؛ إذ لا أقلّ من القول بإفادة الاستصحاب في الموارد المتخلّف عنها الظنّ أنّه لو خلّي وطبعه يفيد الظنّ.
قلت : ومع ذلك أيضا ممّا لا يكاد يتمّ ؛ لظهور الفرق بين الاستصحاب وغيره من الأدلّة الظنّية ، فإنّ عدم إفادة الاستصحاب الظنّ في صورة دليل على خلافه ليس بواسطة وجود المانع عن إفادته الظنّ كما هو كذلك في سائر الأدلّة الظنّية بملاحظة امتناع قيام الظنّ على طرفي الخلاف ، بل بواسطة عدم المقتضي ، فإنّ الظاهر على ما يساعد عليه كلماتهم أنّ شرط إفادة الاستصحاب الظنّ هو عدم الظنّ الخارجي على خلافه ، يدلّ على ذلك قول العضدي (٤) في أوّل الاستصحاب : « ولم يظنّ عدمه » وإلاّ لما كان لأخذ القيد المذكور وجه ؛ ضرورة استحالة اجتماع الظنّين على طرفي النقيض ، فأخذ هذا القيد يدلّ على أنّ من جملة أجزاء المقتضي للظنّ الاستصحابي هو عدم الظنّ الخارجي ، فلا ينافي القول بالظنّ النوعي عند قيام الظنّ على خلاف
__________________
(١) « م » : فيما مرّ من. وفي « ج » : فيما مباحث.
(٢) « ز ، ك » : تقديم الأصل.
(٣) « ز ، ك » : يظهر.
(٤) شرح مختصر المنتهى : ٤٥٣ ، وتقدّم نقله عنه في ص ١١.