القود والدية معاً ؛ لأنّ الدفع إمّا مباح أو واجب ، فلا يتعقّبه ضمان (١).
وفي هذا الدليل ما ترى ؛ لأنّ مقتضاه نفي الأمرين عن القاتل لا مطلقاً.
وقريب منه الاستدلال بنصوص الدفع ؛ لعدم معلومية شمول إطلاقها لمحل البحث ، بل ظاهرها كون الحكم بالهدرية مقابلةً للمحارب ومؤاخذةً له بما له من القصد والنية ، وليس ذلك في المجنون بلا شبهة ، وجواز دفاعه إنّما هو لأجل حفظ النفس المحترمة ، لا المؤاخذة له بالقصد والنية ، فلا غرو في وجوب الدية لدم المجنون ؛ لأنّ نفسه أيضاً محترمة حيث لم يستصحبها فساد قصد ونيّة ، والشارع لما رخّص في إتلافها من غير تقصير من جهتها تداركها بالدية.
فالقول بثبوتها لا يخلو عن قوة ، سيّما مع استفادته ممّا عرفت من المعتبرة بالصحة والقرب منها بما عرفته ، وإن وقع الاختلاف بينها بدلالة الصحيحة بكونها في بيت المال ، والقريبة منها بكونها على الإمام ، لكن الجمع بينهما ممكن بحمل الأخيرة على الصحيحة ، والعكس وإن أمكن ، إلاّ أنّه مع بعده لا قائل به ، مع استلزامه ترجيح ما ليس بحجة على الحجة ، وهو فاسد بالبديهة.
ويظهر من الماتن هنا وفي الشرائع (٢) نوع تردّد له في المسألة ، حيث أشار إلى الرواية الصحيحة بقوله : ( وفي رواية ديته من بيت المال ) (٣)
__________________
(١) غاية المرام ٤ : ٣٨٧.
(٢) الشرائع ٤ : ٢١٦.
(٣) الكافي ٧ : ٢٩٤ / ١ ، الفقيه ٤ : ٧٥ / ٢٣٤ ، التهذيب ١٠ : ٢٣١ / ٩١٣ ، الوسائل ٢٩ : ٧١ أبواب القصاص في النفس ب ٢٨ ح ١ ؛ وقد تقدّمت في ص ٢٥٤.