( والوجه أنّها ) كالثانية ( قضية في واقعة ) لا عموم لها يعمّ جميع الصور حتى ما يخالف منها للأُصول ( وهو أعلم بما أوجب ذلك الحكم ) الذي حكم به فيها ، فلعلّه كان شيئاً يوافق الحكم معه مع الأُصول.
والشهرة بنفسها سيّما المحكية منها ليست بحجة ، ومع ذلك ليس بمعلوم كونها على الفتوى ، فيحتمل كونها على الرواية خاصّة ، ولو سلّم فهي ليست بمحقّقة ، وحكايتها موهونة ؛ إذ لم نجد مفتياً بها صريحاً أصلاً ، ولم يحك عن أحدٍ إلاّ عن الإسكافي والقاضي (١) ، وهما نادران جدّاً.
نعم رواها الكليني والصدوق والشيخان وابن زهرة وغيرهم (٢) من غير أن يقدحوا فيها بشيء بالكلية ، وهو بمجرّده ليس صريحاً في الفتوى بها ، بل ولا ظاهراً ظهوراً يعتدّ به.
وعلى هذا الوجه فما الذي ينبغي أن يحكم في هذه القضية؟ ذكر جماعة (٣) أنّها صورة لوث ، فلأولياء المقتولين القسامة على المجروحين ؛ لأنّ كلّ واحد من المقتولين والمجروحين يجوز أن تكون الجناية عليه مضمونة ، ويجوز أن تكون مباحة بتقدير أن يكون غريمه قصد دفعه فيكون هدراً.
وهو حسن ، لكنّه منحصر فيما إذا كان هناك أولياء مدّعون ، ويشكل مع عدمهم ، ولعلّ الأخذ بالرواية الصحيحة في هذه الصورة غير بعيد ؛ لعدم أصل ظاهر يرجع إليه فيها ، ويمكن تنزيلها عليها ، بل لعلّها ظاهرها ، فتأمّل
__________________
(١) حكاه عن ابن الجنيد في التنقيح ٤ : ٤٨٢ ، وعنهما في المهذّب البارع ٥ : ٢٨٣ ، ٢٨٤.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١ ، وراجع ص ٣٩٩.
(٣) منهم ابن فهد الحلّي في المهذب البارع ٥ : ٢٨٣ ، والصيمري في غاية المرام ٤ : ٤٣٢ ، والشهيد الثاني في الروضة ١٠ : ١٤٧.