والرواية الأُولى مشهورة بين الأصحاب ، كما صرّح به جماعة ومنهم الفاضل المقداد في التنقيح ، قال : حتى أنّ ابن الجنيد قال : لو تجارح اثنان فقتل أحدهما قُضي بالدية على الباقي ووضع منها أرش الجناية (١).
ومع ذلك صحيحة ؛ لكون الراوي هو الثقة بقرينة ما قبله وما بعده ، وبذلك صرّح من المحقّقين جماعة (٢) ، لكنّها مخالفة للأُصول ، إمّا لعدم استلزام الاجتماع المذكور والاقتتال كون القاتل هو المجروح وبالعكس ، أو لما ذكره الشهيد من أنّه إذا حكم بأنّ المجروحين قاتلان فلِمَ لا يستعدي منهما ، وأنّ إطلاق الحكم بأخذ دية الجرح وإهدار الدية لو ماتا لا يتم أيضاً ، وكذا الحكم بوجوب الدية في جراحتهما ؛ لأنّ موجَب العمد القصاص (٣). وقريب منه ما ذكره الحلّي (٤).
ويمكن دفع هذا بكون القتل وقع منهما حالة السكر ، فلا يوجب إلاّ الدية في مال القاتل ، وفاقاً لجماعة (٥). ومنه يظهر الجواب عن الرواية الثانية ، مع ما هي عليه من قصور السند وعدم المقاومة للرواية الصحيحة المشهورة.
ويدفع الإشكال بإهدار الدية لو ماتا : بفرض الجرح غير قاتل ؛ ووجوب دية الجرح لوقوعه أيضاً من السكران ، أو لفوات محل القصاص ، فانحصر الوجه في مخالفتها للأصل فيما ذكرنا.
__________________
(١) التنقيح الرائع ٤ : ٤٨٢.
(٢) منهم المجلسي في ملاذ الأخيار ١٦ : ٥٠٩ ، ومرآة العقول ٢٤ : ٣٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٤٩٣.
(٣) غاية المراد ٤ : ٤٦٧.
(٤) السرائر ٣ : ٣٧٤.
(٥) انظر التنقيح ٤ : ٤٨٢ ، والروضة ١٠ : ١٤٥.