وهو وإن كان مجازاً إلاّ أنّ القرينة قائمة عليه فيها ، وهي عطف « قطع » على طرف ، والطرف في الأصل الضرب على طرف العين ، ثم نقل إلى الضرب على الرأس ، كما في النهاية الأثيرية (١) ، وظاهر أنّ الضرب على الرأس لا يوجب قطع اللسان الحقيقي ، بل المجازي ، وعلى هذا يكون سبيل هذه الرواية سبيل المستفيضة في اختصاصها بجناية المنفعة ، لا الجارحة.
مضافاً إلى منافاة ما فيها من بسط الدية بحسب حروف الجمل لما عليه الأصحاب كافّة فيما أجده ، وبه صرّح بعض الأجلّة (٢) من بسطها على حروف المعجم بالسوية ، كما هو ظاهر المستفيضة ، بل صريح بعضها ، وهو قوية السكوني : « اتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي بعض كلامه ، فجعل ديته على حروف المعجم كلّها ، ثم قال : تكلّم بالمعجم ، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك ، والمعجم ثمانية وعشرون حرفاً ، فجعل ثمانية وعشرين جزءاً ، فما نقص من ذلك فبحساب ذلك (٣).
فالأصحّ ما ذكره من عدم دليل بذلك من نصّ ولا رواية.
والذي يقتضيه النظر ويعضده الأُصول وجوب دية للذّاهب من جرم اللّسان بالمساحة ، وأُخرى للذّاهب من الحروف بالنسبة ، ويحتمله ما عن الحلبي والإصباح وفي الغنية (٤) : من أنّه إذا قطع بعض اللسان ففيه بحساب
__________________
(١) النهاية الأثيرية ٣ : ١٢١.
(٢) وهو الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٠١ ، وفيه : إلا المفيد في بعض نسخ المقنعة.
(٣) التهذيب ١٠ : ٢٦٣ / ١٠٤٢ ، الإستبصار ٤ : ٢٩٣ / ١١٠٧ ، الوسائل ٢٩ : ٣٦٠ أبواب ديات المنافع ب ٢ ح ٦.
(٤) الكافي في الفقه : ٣٩٧ ، الإصباح ( الينابيع الفقهية ٢٤ ) : ٢٩٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢١.