وابن سعيد (١) أنّه ( إن كانت ) الجنايتان ( بضربة واحدة تداخلتا ) دية ، وإلاّ فلا ، وهي طويلة مضى ذكرها في أوائل كتاب القصاص في بحث تداخل جناية النفس والأطراف ، ولم يعمل بها الأكثر هنا وثمة ، حتى الشيخ في النهاية هناك ؛ لأنّ ظاهرها كما عرفته دخول جناية الطرف في النفس مطلقاً ولو افترقتا ، ولم يقل به في النهاية ، بل قال في صورة الافتراق بعدم التداخل ، فليت شعري كيف يمكن استناده إليها هنا مع مخالفتها لما ذكره ثمّة ، ويحتمل أن يكون له هنا مستند آخر غيرها لم يصل إلينا.
وبالجملة : هذه الرواية وإن كانت صحيحة إلاّ أنّ العامل بها هنا لم أجده سوى الشيخ وبعض من تبعة ، وهو قد رجع عنها في كتابيه المتقدّمين ، وصرّح به الحلّي فقال هنا بعد الحكم بعدم التداخل ـ : وقد كنّا قلنا من قبل : فإن كان أصابه مع ذهاب العقل موضحة أو مأمومة أو غيرهما من الجراحات لم يكن فيه أكثر من الدية كاملة ، إلاّ أن يكون ضربه بضربتين أو ثلاث فجنت كل ضربة منها جناية كان عليه حينئذٍ جنايتها ، [ فأوردناه (٢) ] على ما أورده شيخنا في نهايته ، إلاّ أنّ هذا أظهر من ذلك ، وشيخنا فقد رجع عمّا أورده في نهايته ، وقال بما اخترناه الآن في مسائل خلافه ، وهو الصحيح ؛ لأنّ تداخل الديات إذا لم يمت المجني عليه يحتاج إلى دليل (٣) ، انتهى.
وكأنّه لم يقف على كلامه هذا ، الفاضل المقداد في شرح الكتاب (٤) ، فنسب إليه الموافقة هنا للنهاية.
__________________
(١) النهاية : ٧٧١ ، الجامع : ٥٩٥.
(٢) في النسخ : وأوردنا ، وما أثبتناه من المصدر هو الأنسب.
(٣) السرائر ٣ : ٤١٤.
(٤) التنقيح ٤ : ٥١٠.