ولما رواه المفيد في إرشاده ، فقال : روت العامّة والخاصّة : أنّ قدامة بن مضعون شرب الخمر ، فأراد عمر أن يجلده ، فقال : لا يجب عليّ الحدّ ؛ إنّ الله تعالى يقول ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا ) (١) فدرأ عنه الحدّ ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام ، فمشى إلى عمر ، فقال : « ليس قدامة من أهل هذه الآية ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما حرّم الله سبحانه ، إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلّون حراماً ، فاردُد قدامة فاستتبه ممّا قال ، فإن تاب فأقم عليه الحدّ ، وإن لم يتب فاقتله فقد خرج عن الملّة » الخبر (٢).
( وقيل ) والقائل الحلّي والتقي كما حكي (٣) ـ : إنّ ( حكمه حكم المرتدّ ) لا يستتاب إذا ولد على الفطرة ، بل يقتل من غير استتابة ( وهو قويّ ) متين ، وعليه عامّة المتأخّرين ؛ لإنكاره ما علم تحريمه ضرورة من الدين ، ومعه لا شبهة ، إلاّ إذا ادّعاها وأمكنت في حقّه ؛ لقرب عهده بالإسلام ونحوه ، فيدفع عنه الشبهة ، ولا يقتل بلا شبهة ، كما هو الحال في إنكار سائر الضروريّات.
وهذه الصورة خارجة عن مفروض المسألة ، بل هو ما إذا لم يكن هناك شبهة محتملة ، ولذا أنّ شيخنا في المسالك بعد أن اختار المختار وقال : هذا إذا لم يمكن الشبهة في حقّه ؛ لقرب عهده بالإسلام ونحوه ، وإلاّ اتّجه قول الشيخين ، قال : وعليه يحمل استتابة قدامة بن مظعون وغيره
__________________
(١) المائدة : ٩٣.
(٢) الإرشاد ١ : ٢٠٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٢٠ أبواب حد المسكر ب ٢ ح ١.
(٣) حكاه عنهما في التنقيح ٤ : ٣٧١ ، وهو في الكافي في الفقه : ٤١٣ ، والسرائر ٣ : ٤٧٧.