لزمه عن كلّ واحد كفّارة ، سواء اتّحد الوقت أو تعدّد ، كفّر عن الأوّل أو لا ؛ لأنّ كلّ واحد منها سبب مستقلّ في إيجاب الكفّارة ، والحقيقة باقية عند الاجتماع ، فيوجد أثرها .
ولو اتّحد نوع الفعل ، فأقسامه ثلاثة :
الأوّل : إتلاف علىٰ وجه التعديل ، كقتل الصيد ، فإنّه يعدل به ، ويجب فيه مثله ، ويختلف بالصغر والكبر ، فعلىٰ أيّ وجه فَعَله وجب عليه الجزاء .
ولو تكرّر تكرّرت إجماعاً ؛ لأنّ المثل واجب ، وهو إنّما يتحقّق بالتعدّد لو تعدّدت الجناية .
الثاني : إتلاف مضمون لا علىٰ وجه التعديل ، كحلق الشعر وتقليم الأظفار ، فهُما جنسان ، فإن حلق أو قلّم دفعةً واحدة ، كان عليه فدية واحدة ، وإن فعل ذلك في أوقات ، كأن يحلق بعض رأسه غدوةً وبعضه عشيّةً ، تعدّدت الكفّارة عليه ، وإن كان في دفعة واحدة ووقت واحد ، وجبت فدية واحدة .
الثالث : الاستمتاع باللُّبْس والطيب والقُبْلة ، فإن فَعَله دفعةً بأن لبس كلّ ما يحتاج إليه دفعةً ، أو تطيّب بأنواع الطيب دفعةً واحدة ، أو قبّل وأكثر منه ، لزمه كفّارة واحدة ، وإن فعل ذلك في أوقات متفرّقة ، لزمه عن كلّ فعل كفّارة ، سواء كفَّر عن الأوّل أو لم يكفّر ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ لأنّه مع تعدّد الوقت يتعدّد الفعل ، وقد كان كلّ واحد سبباً تامّاً في إيجاب الكفّارة ، فكذا مع الاجتماع .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٩ .