وقال أحمد في الرواية الاُخرىٰ : إنّه مستحب لا يجب بتركه دم . وهو مروي عن ابن الزبير وابن سيرين (١) .
وقال أبو حنيفة : هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم ـ وهو مذهب الحسن البصري والثوري ـ لقوله تعالىٰ : ( فَلَا جُنَاحَ ) (٢) ورفع الجناح دليل عدم وجوبه (٣) .
وهو غلط ؛ فإنّ رفع الجناح لا يستلزم عدم الوجوب .
ولو ترك السعي ناسياً ، أعاده لا غير ، ولا شيء عليه ، فإن كان قد خرج من مكّة ، عاد للسعي ، فإن لم يتمكّن ، أمر مَنْ يسعىٰ عنه ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَ عليهالسلام : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : « يعيد السعي » قلت : فإنّه خرج ، قال : « يرجع فيعيد السعي إنّ هذا ليس كرمي الجمار ، الرمي سنّة والسعي بين الصفا والمروة فريضة » (٤) .
وسأل زيد الشحّام الصادقَ عليهالسلام : عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتىٰ يرجع إلىٰ أهله ، فقال : « يطاف عنه » (٥) .
مسألة ٤٩٧ : قد سبق (٦) وجوب ترتيب السعي بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ، فلو عكس فبدأ بالمروة وختم بالصفا ، أعاد السعي ؛ لأنّه لم يأت بالمأمور به علىٰ وجهه ، فيبقىٰ في عهدة التكليف .
__________________
(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ .
(٢) البقرة : ١٥٨ .
(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٥٠ ، المغني ٣ : ٤١٠ و ٤١١ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣ .
(٤) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٩ .
(٥) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٣ .
(٦) سبق في المسألة : ٤٩٢ .