لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (١) .
قال : معناه أنّ الهدي لا يلزم إلّا مَنْ لم يكن من حاضري المسجد ، ويجب أن يكون قوله : ( ذَٰلِكَ ) راجعاً إلىٰ الهدي لا إلىٰ التمتّع ؛ لأنّ مَنْ قال : مَنْ دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن غاصباً ، فُهم منه الرجوع إلىٰ الجزاء لا إلىٰ الشرط .
ثم قال : ولو قلنا : إنّه راجع إليهما ، وقلنا : إنّه لا يصحّ منهم التمتّع أصلاً ، كان قويّاً (٢) .
مسألة ٥٧٧ : دم التمتّع نسك عند علمائنا ـ وبه قال أصحاب الرأي (٣) ـ لقوله تعالىٰ : ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا ) (٤) أخبر بأنّه جعلها من الشعائر ، وأمر بالأكل منها ، فلو كان جبراناً ، لما أمرنا بالأكل منها .
وقال الشافعي : إنّه جبران ؛ لإخلاله بالإحرام من الميقات ؛ لأنّه مرّ به وهو مُريد للحجّ والعمرة وحَجَّ من سنته (٥) .
وهو ممنوع ؛ فإنّ ميقات حجّ التمتّع عندنا مكّة وقد أحرم منه .
والمتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكّة لزمه الدم إجماعاً ، أمّا عندنا : فلأنّه نسك ، وأمّا عند المخالف : فلأنّه أخلّ بالإحرام من المواقيت .
فلو أتىٰ الميقات وأحرم منه ، لم يسقط عنه الدم عندنا .
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) الخلاف ٢ : ٢٧٢ ، المسألة ٤٢ .
(٣) الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٨٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦ .
(٤) الحجّ : ٣٦ .
(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٤٥ ـ ٤٦ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨ .