والأمر هنا للاستحباب ؛ جمعاً بين الأدلّة .
ولا خلاف في أنّه ليس بركن في الحجّ ، ولهذا سقط عن الحائض ، بخلاف طواف الزيارة .
ووقته بعد فراغ المرء من جميع أشغاله ليكون البيت آخر عهده .
وإذا طاف للوداع وصلّىٰ ركعتيه ، فإن انصرف ، فلا بحث ، وإن أقام بعد ذلك علىٰ زيارة صديق أو شراء متاع أو شبه ذلك ، قال الشافعي : لا يجزئه الأوّل ، ويعيد طوافاً آخر ، وإن قضىٰ حاجةً في طريقه من أخذ الزاد وشبهه ، لم يؤثّر ذلك في وداعه ـ وبه قال أحمد وعطاء ومالك والثوري وأبو ثور ـ لأنّه بالإقامة يخرج عن كون فعله وداعاً (١) .
وقال أبو حنيفة : لا يعيد الوداع وإن أقام شهرين وأكثر ؛ لأنّه طاف للوداع بعد ما حلّ له النفر ، فأجزأه ، كما لو نفر عقيبه (٢) .
وهذا البحث عندنا ساقط ؛ لأنّه مستحبّ عندنا .
ولو كان منزله في الحرم ، قال أبو ثور : عليه الوداع (٣) . وهو قياس قول مالك (٤) وظاهر مذهبنا ؛ لأنّهم ينفرون ويخرجون من مكة ، فاستحبّ لهم الوداع كغيرهم .
وقال أصحاب الرأي : لا وداع عليهم . وهو إحدىٰ الروايتين عن أحمد (٥) .
ولو أخّر طواف الزيارة حتىٰ يخرج ، لم يسقط استحباب طواف
__________________
(١) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤١٣ ، المجموع ٨ : ٢٥٥ ، المغني ٣ : ٤٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠٢ .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٣١٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٢ ، المغني ٣ : ٤٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠٢ .
(٣ ـ ٥) المغني ٣ : ٤٩٠ .