قال الله تعالىٰ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) أي : إذا اُحصرتم فتحلّلتم أو أردتم التحلّل فما استيسر من الهدي ؛ لأنّ نفس الإحصار لا يوجب هدياً .
وروىٰ العامّة : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أمر أصحابه يوم حُصروا في الحديبية ـ وهي اسم بئر خارج الحرم ـ أن ينحروا ويحلقوا ويحلّوا (٢) .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام : « المصدود تحلّ له النساء » (٣) .
وسواء كان الإحرام للحجّ أو العمرة وبأيّ أنواع الحجّ أحرم جاز له التحلّل مع الصدّ ، عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد (٤) ـ لعموم الآية (٥) .
ولأنّها نزلت في صدّ الحديبيّة ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه مُحْرمين بعمرة فتحلّلوا جميعاً .
وقال مالك : المعتمر لا يتحلّل ؛ لأنّه لا يخاف الفوات (٦) .
ولو كان له طريق غير موضع الصدّ ، فإن كان معه نفقة تكفيه ، لم يكن له التحلّل ، واستمرّ علىٰ إحرامه ، ووجب عليه سلوكها وإن بعدت ، سواء خاف الفوات أو لا .
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢ ، المغني ٣ : ٣٧٤ .
(٣) الكافي ٤ : ٣٦٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ / ١٥١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧ .
(٤) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، الاُمّ ٢ : ١٦٢ ، مختصر المزني : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ، المجموع ٨ : ٢٩٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٧٧ .
(٥) البقرة : ١٩٦ .
(٦) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، فتح العزيز ٨ : ٤ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ .