إخوانك ، فإن متّ فأورث كتبك بنيك ، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم» (١) فإنهما كالصريحين في النظر إلى زمان الغيبة ونحوه مما تنقطع فيه طرق العلم وينحصر الأمر بالكتب. وحملهما على إرادة الرجوع إليها في خصوص ما يورث العلم بعيد جدا عن الواقع الخارجي ، ضرورة قلة المتواترات في الكتب وانقطاع القرائن القطعية المحتفة بأخبار الآحاد بتقادم الزمان.
ومثلهما في ذلك حديث محمد بن الحسن بن أبي خالد ، بل حسنه : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلم ترو عنهم ، فلما ماتوا صارت تلك الكتب إلينا. فقال حدثوا بها فإنها حق» (٢).
فإنه لو لا المفروغية عن حجية ما يرويه المشايخ في مقام العمل لم يحتج إلى الاستئذان من الإمام عليهالسلام في رواية الكتب المذكورة ، إذ روايتها لمجرد إثبات الرواية وحفظها ، لتكون بعض السبب الموجب للعلم لا يحتاج إلى الاستئذان المذكور. بل لا يبعد أن يكون قوله عليهالسلام : «فإنها حق» أنها كتبهم لا تحتاج نسبتها لهم إلى أن تروى عنهم ، لا أن ما تضمنته حق واقعا ، ليكون شهادته عليهالسلام بحقيقة ما في الكتب المذكورة قرينة قطعية على صدور مضمونها ، لتخرج عن محل الكلام.
ولعل مثلها في ذلك ما عن الحسين بن روح وقد سئل عن كتب الشلمغاني بعد ما خرج التوقيع بلعنه : «أقول فيها ما قال أبو محمد الحسن بن علي «صلوات الله عليهما» وقد سئل عن كتب بني فضال ، فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ فقال صلوات الله عليه : خذوا بما رووا وذروا ما
__________________
(١ و ٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ٨ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٨ ، ٢٧.