فإن هذه النصوص وإن لم يصرح فيها بحجية الحديث ، إلا أن ما تضمنته ـ من الاستفادة بالحديث بسبب النقل وإفادته وتبليغه وتعليمه للناس وتعلمهم له وشدّ قلوب الشيعة به ونحو ذلك ـ ظاهر في المفروغية عن حجيته بسبب النقل وصلوحه للعمل ، وبدون ذلك إنما يكونون عالمين بنقله ، لا به ، فضلا عن أن ينتفعوا به.
نعم لا إطلاق لها في ذلك. إلا أن حملها على خصوص صورة التواتر ونحوه مما يحصل معه العلم بعيد جدا ، ولا سيما بملاحظة الواقع الذي عليه الناس في معيار العمل بالحديث.
ومثلها ما عن تفسير الإمام العسكري عليهالسلام من قول الصادق عليهالسلام : «وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر ، والعصبية الشديدة ، والتكالب على الدنيا وحرامها ، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم ، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم ، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة ، فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ، ولا كرامة ، وإنما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك ، لأن الفسقة يتحملون عنّا ، فيحرّفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم ، وآخرون يتعمدون الكذب علينا» (١).
فإنه وإن كان واردا في التقليد إلا أن ذيله بضميمة المناسبات الارتكازية تقتضي عمومه للرواية.
وكذا ما تضمن الحث على أخذ الحديث عن صادق كقوله عليهالسلام : «لحديث
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٠ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢٠.