ثم أرسل إليهم رسولا ، وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى ... وما أمروا إلا بدون سعتهم ، وكل شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ...» (١). فإن المنسبق منه إرادة الحصر وأنه تعالى لا يحتج عليهم بما لم يعرّفهم. نعم هو يدل على الأصل الأولي ، لأن دليل الاحتياط ـ لو تم ـ يصلح لأن يحتج به تعالى على العباد ، لأنه مما عرّفهم ، ولا دلالة في الحديث على عدم الاحتجاج إلا مع الإعلام بالحكم الواقعي ، ليناسب الأصل الثانوي. ونحوه في ذلك الصحيح عن ابن الطيار عنه عليهالسلام : «قال : إن الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم» (٢).
الثاني : صحيح عبد الأعلى بن أعين : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام من لم يعرف شيئا هل عليه شيء؟ قال : لا» (٣) ، فإنه صريح في عدم مؤاخذة من لم يعرف سواء أريد بالمفعول به فردا مرددا أم فردا معينا مفروضا في الخارج. وكذا لو كان المراد به العموم لأنه نكرة في سياق النفي.
وما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من أنه على الأخير يكون ظاهره السؤال عن القاصر الذي لا يدرك شيئا. مدفوع بأن ظاهر الحديث السؤال عن من لم تتحقق له المعرفة لا عن من لا قابلية له للمعرفة. نعم من لا يعرف شيئا أصلا قاصر غالبا. إلا أن ظاهر الحديث كون موضوع السؤال عدم معرفته لا قصوره. كما أن الحديث ظاهر في بيان الأصل الأولي ، لعدم صدق موضوعه على العارف بوجوب الاحتياط.
الثالث : حديث حفص بن غياث : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : من عمل بما علم
__________________
(١) الكافي كتاب التوحيد باب : حجج الله على خلقه حديث : ٤ ج : ١ ص : ١٦٤.
(٢) الكافي كتاب التوحيد باب : البيان والتعريف ولزوم الحجة حديث : ١ ج : ١ ص : ١٦٢.
(٣) الكافي كتاب التوحيد باب : حجج الله على خلقه حديث : ٢ ج : ١ ص : ١٦٤.