سمت الهدى ، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى» (١).
الثاني : مجرد عدم تشخيص الوظيفة الفعلية ولو كانت ظاهرية في مقابل العمل على بصيرة. ويستفاد هذا المعنى من مقابلة الشبهة بالبينة في مرسل موسى بن بكر عن أبي جعفر عليهالسلام في حديثه مع زيد : «قال ... فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك ، وإلا فلا ترومنّ أمرا أنت منه في شك وشبهة» (٢). ومقابلتها بالحجة في عهد أمير المؤمنين عليهالسلام للأشتر : «قال عليهالسلام : اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ... أوقفهم في الشبهات وآخذهم بالحجج» (٣).
هذا ولا يخفى التناسب بين المعنيين. وعلى أحدهما يمكن حمل بقية نصوص المقام. وإرادة خصوص الجهل بالحكم الواقعي من الشبهة اصطلاح متأخر لا ملزم بحمل النصوص المذكورة عليه. ومجرد مقابلتها في مثل حديث التثليث بالحلال البين والحرام البين لا يقتضيه ، لقرب حملهما على ما يعم تبين الوظيفة الظاهرية ، ليطابق النصوص الكثيرة المتقدمة ويلائمها.
ويناسب ذلك أمران :
أحدهما : أن المنسبق من النصوص المستدل بها التنبيه إلى أمر ارتكازي إرشادي ، ومن الظاهر أن الأمر الارتكازي هو الوقوف عند الشبهة بالمعنى الذي ذكرناه ، لا بالمعنى الذي يريده المستدل ، بل هو أمر تعبدي شرعي ، قابل للتخصيص ، وقد التزموا بتخصيصه في بعض الموارد.
ثانيهما : أن ظاهر كثير من نصوص المقام المفروغية عن منجزية الشبهة ، لا الحكم بمنجزيتها تعبدا وتأسيسا ، فإن قولهم عليهمالسلام في غير واحد من النصوص : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة». ظاهر في
__________________
(١) ، (٢) ، (٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢٠ ، ١٠ ، ١٨.