المفروغية عن تعرض المتورط في الشبهة للهلكة ، وأن الأمر بالتوقف لمحض الإرشاد لذلك ، وليس هو واردا لبيان منجزية الشبهة تعبدا ، بخلاف ما لو قيل : لا عذر في الشبهة ، بل قد يهلك العامل بها. والفرق بين التعبيرين نظير الفرق بين قولنا في مقام الأمر بالحمية : قلة الأكل أهون من علاج المرض ، وقولنا : الإكثار من الأكل معرض للمرض.
وكذا قولهم عليهمالسلام : «من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم» ظاهر في المفروغية عن ترتب الهلاك مع الوقوع في الحرام الذي يتعرض له الآخذ بالشبهة ، لا في بيان تعرض الآخذ بالشبهة للهلاك تعبدا.
وحينئذ حيث لا مفروغية عن منجزية الشبهة بالمعنى المدعى للمستدل تعين حملها على المعنى الذي ذكرناه ، لأنه هو الذي يكون تنجز التكليف معه مفروغا عنه.
ومن هنا لا تنهض النصوص المذكورة بإثبات وجوب الاحتياط تعبدا في مورد الشك في التكليف الواقعي ، لينهض بمعارضة أدلة البراءة الشرعية ، بل هي واردة للإرشاد إلى عدم جواز اعتماد غير الحجة في مقام العمل ولزوم كون العمل على بصيرة من دون فرق بين أقسام الشبهة الموضوعية والحكمية.
ومن الظاهر أن ذلك لا ينافي أدلة البراءة المتقدمة ، بل تكون تلك الأدلة واردة عليه ، رافعة لموضوعه ، حيث يكون العمل معها على السعة عن بصيرة وحجة مؤمنة من العقاب على تقدير مخالفة التكليف الواقعي.
نعم في صحيح مسعدة بن زياد عن الصادق عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله : «أنه قال : لا تجامعوا في النكاح على الشبهة ، وقفوا عند الشبهة. يقول : إذا بلغك أنك قد رضعت من لبنها وأنها لك محرم وما أشبه ذلك ، فإن الوقوف عند الشبهة خير