وليس التكليف المعلوم واردا على عنوان أحدهما بحيث ينطبق على كل منهما ، كما في الواجب التخييري ، ليقطع بالفراغ عنه بأحد الأمرين :
«وأما الثانية» : فلا منشأ لها إلا توهم أن الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية مقتضى أدلة الأصول بعد امتناع جريانها في تمام الأطراف ، لاستلزامه المخالفة القطعية. واللازم النظر في نهوض أدلة الأصول بذلك وعدمه ، فنقول :
يظهر مما تقدم في التمهيد لمحل الكلام أن وجوب الموافقة القطعية راجع إلى حكم العقل بأن الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني ، وأن رفع اليد عنه يتوقف على أحد أمور ..
الأول : رفع موضوع القاعدة إما برفع فعلية التكليف مع الشك في امتثاله ، أو برفع تنجيزه حينئذ.
الثاني : الردع عن مقتضاها بالاكتفاء بالامتثال الاحتمالي ، بناء على ما تقدم منا من أن حكم العقل بلزوم إحراز الفراغ والامتثال اقتضائي قابل للردع.
الثالث : التعبد بالامتثال ، لقيام الحجة عليه أو لكونه مقتضى الأصل ، كما هو لسان التعبد بدليل القرعة لو تم في المقام ، لرجوعه إلى تعيين المعلوم بالإجمال في أحد الأطراف ، فتكون موافقته امتثالا له تعبدا ، والمراد بالفراغ اليقيني ما يعم ذلك.
وكأنه إلى هذا يرجع ما ذكره شيخنا الأعظم قدسسره من جواز الترخيص في بعض الأطراف بنحو جعل البدل الظاهري ، كما هو صريح بعضهم في بيان المراد من جعل البدل المذكور. وإلا فلا معنى لجعل البدل الظاهري بمجرد الترخيص في بعض الأطراف والمنع من الآخر من دون تعبد بأنه هو المعلوم بالإجمال ، بل هو راجع حينئذ للترخيص في المخالفة الاحتمالية وعدم لزوم الفراغ اليقيني ، مع ظهور كلام شيخنا الأعظم قدسسره في