نعم قد يقال : التكليف المعلوم بالتفصيل وإن لم يكن مانعا من فعلية التكليف المعلوم بالإجمال ، ولا من تنجزه بالعلم ، إلا أن العلم الإجمالي حينئذ لا يصلح لتنجيز احتمال التكليف في الطرف الآخر بنحو يقتضي لزوم الاحتياط فيه ، إذ مع تنجز بعض الأطراف على كل حال ووجود المتيقن في مقام العمل لا يكون العلم الإجمالي موجبا للعلم بترتب عمل زائد على ما يترتب بدونه. وتأكد التكليف والداعوية وإن كان قابلا للتنجيز ، إلا أنه لا يستوجب عملا زائدا.
وبعبارة أخرى : وجود القدر المتيقن يمنع من منجزية العلم الإجمالي لما زاد عليه ، سواء كان المتيقن المذكور من حيثية الأمر المعلوم ، أم من حيثية العمل.
فالأول كما لو دار الأمر بين وجوب شيء واستحباب آخر ، حيث لا يتنجز إلا القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب ، وهو الرجحان لكل منهما ، لأنه المتيقن من المعلوم ، ولا يتنجز كل من الطرفين على إجماله ، ليلزم تنجز الوجوب المحتمل ، كما سبق في آخر الكلام في حرمة المخالفة القطعية.
والثاني كما في المقام ، حيث لا يكون العلم التفصيلي موجبا لوجود المتيقن من حيثية المعلوم ، للعلم بثبوت تكليفين ، والمنجز لأحدهما العلم التفصيلي ، وللآخر العلم الإجمالي ، وإنما يوجب المتيقن في مقام العمل ، حيث يلزم العمل في الطرف الذي يعلم التكليف به تفصيلا على كل حال مع قطع النظر عن العلم الإجمالي ، والعلم الإجمالي لا يقتضي العلم بترتب عمل زائد على مقتضاه ، بل ليس إلا احتمال لزوم العمل الزائد عليه في الطرف الآخر ، فلا يكون منجزا للعمل المذكور ، ويتعين الرجوع فيه للأصل الترخيصي بعد عدم المانع منه. ولا يعارض الأصل المذكور بالأصل الجاري في الطرف المعلوم بالتفصيل المقتضي للسعة من حيثية احتمال انطباق التكليف المعلوم بالإجمال عليه ، لعدم ترتب العمل على الأصل الجاري فيه