بعد العلم تفصيلا بثبوت التكليف الآخر فيه ، وإنما يكون مقتضى الأصل ـ وهو السعة ـ اقتضائيا لا غير ، فلا يعارض الأصل الجاري في الطرف الآخر المقتضي للسعة فعلا.
وأدنى ملاحظة للمرتكزات العقلائية والمتشرعية تشهد بما ذكرنا ، حيث تكثر موارد العلم الإجمالي بوجود النجس أو الحرام أو نحوهما في جملة من الأمور بعضها مملوك للغير لا يحل التصرف فيه على كل حال ، لعدم السلطنة عليه. ولو بني على منجزية العلم الإجمالي في ذلك لوقع الهرج والمرج واضطربت أمور الناس ، كما هو ظاهر.
وهل يمكن البناء على وجوب الاحتياط بمراعاة احتمال التكليف الإجمالي في جميع الأطراف فيمن علم إجمالا بأنه قد نذر الفريضة أو النافلة ، أو بأنه قد شرط على نفسه الإنفاق على من تجب نفقته عليه أو غيره ، أو نحو ذلك؟.
على أن ذلك لو لم يبلغ مرتبة اليقين بعدم منجزية العلم الإجمالي ، فلا أقل من عدم وضوح منجزيته في المقام ، وهو كاف في العمل بالأصل الترخيصي الآخر ، بعد ما سبق من تمامية موضوع الأصول في أطراف العلم الإجمالي ، وتمامية المقتضي للعمل عليها ، حيث لا مجال مع ذلك للتوقف عن العمل بالأصل ما لم يقطع بالمانع. كما تقدم نظيره عند الكلام في الشك في مانعية الخروج عن الابتلاء من منجزية العلم الإجمالي. فلاحظ.
ثم إن المعيار في ذلك ليس ثبوت التكليف في بعض الأطراف معينا ، بل يكفي تنجيز احتمال التكليف فيه بنحو يقتضي العمل على النحو الذي يقتضيه العلم الإجمالي فيه ، سواء كان طرفا لعلم إجمالي آخر منجز بنفسه ، كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد إناءين خزف وزجاج ، ثم علم بإصابة النجاسة للزجاج