إلى دعوى أن إمكان الوصول للأحكام النقلية شرط في فعليتها ، أو يكون تعذر الوصول إليها بها مانعا من فعليتها ، حيث يتعين عدم العمل بالقطع الحاصل من المقدمات العقلية ، لعدم إحراز فعلية الحكم المقطوع. لكنه يحتاج حينئذ إلى دليل.
ومن ثم فقد يستدل عليه بالأخبار الكثيرة ، مثل ما تضمن النهي عن أن يدان الله تعالى بغير السماع منهم عليهمالسلام كقولهم عليهمالسلام : «أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منا» (١). وما تضمن النهي عن النظر في الدين بالرأي (٢) وقولهم عليهمالسلام : «أما لو أن رجلا صام نهاره وقام ليله وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله ثواب ولا كان من أهل الإيمان» (٣).
لكن التأمل في الأخبار المذكورة قاض بأنها أجنبية عما نحن فيه ، بل هي واردة لبيان عدم حجية الرأي والقياس ، ووجوب التعبد بأقوالهم عليهمالسلام وعدم الاستغناء عنهم بذلك ، أو لبيان عدم إيصال الرأي والنظر للحكم الشرعي ، بل يزيد في التيه والضلال ، نظير ما تضمن أن السنة إذا قيست محق الدين ، فيكون التسليم بذلك مانعا عن حصول القطع منه غالبا ، أو لبيان حرمة النظر وإعمال الرأي في الدين ، لما قد يستتبعه من الضلال والخطأ ، فلا يكون الناظر معذورا وإن حصل له القطع من دون أن ينافي لزوم متابعة القطع ، لما سبق من عدم ملازمة عموم متابعة القطع لعموم معذريته ، أو لبيان شرطية الولاية في قبول
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٧ من أبواب صفات القاضي حديث ٢٥. وفيه أحاديث كثيرة قد يستفاد منها ذلك.
(٢) راجع الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي.
(٣) الوسائل ج : ١٨ باب : ٦ من أبواب صفات القاضي حديث : ١٣. ورواه باختلاف يسير في باب : ٧ من أبواب صفات القاضي حديث : ١١.